البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{لَوَّاحَةٞ لِّلۡبَشَرِ} (29)

لاحه البسر : غير خلقته ، قال :

تقول ما لاحك يا مسافر *** يا ابنة عمي لاحنى الهواجر

وقال آخر :

وتعجب هند إن رأتني شاحباً تقول لشيء لوحته السمائم-

وقال الأخفش : اللوح : شدة العطش ، لاحه العطش ولوحه غيره . وقال الشاعر :

سقتني على لوح من الماء شربة *** سقاها به الله الرهام الغواديا

ويقال :التاح ، أي عطش .

{ لوّاحة للبشر } ، قال ابن عباس ومجاهد وأبو رزين والجمهور : معناه مغيرة للبشرات محرقة للجلود مسوّدة لها ، والبشر جمع بشرة ، وتقول العرب : لاحت النار الشيء إذا أحرقته وسوّدته .

وقال الحسن وابن كيسان : لوّاحة بناء مبالغة من لاح إذا ظهر ، والمعنى أنها تظهر للناس ، وهم البشر ، من مسيرة خمسمائة عام ، وذلك لعظمها وهولها وزجرها ، كقوله تعالى : { لترون الجحيم } وقوله : { وبرزت الجحيم لمن يرى } وقرأ الجمهور : { لواحة } بالرفع ، أي هي لوّاحة .

وقرأ العوفي وزيد بن عليّ والحسن وابن أبي عبلة : لواحة بالنصب على الحال المؤكدة ، لأن النار التي لا تبقي ولا تذر لا تكون إلا مغيرة للأبشار .

وقال الزمخشري : نصباً على الاختصاص للتهويل .