القول في تأويل قوله تعالى : { فَأَخَذَتْهُمُ الرّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ } .
يقول تعالى ذكره : فأخذت الذين عقروا الناقة من ثمود الرجفة ، وهي الصيحة ، والرجفة : الفَعْلة ، من قول القائل : رجَف بفلان كذا يَرْجُف رَجْفا ، وذلك إذا حرّكه وزعزعه ، كما قال الأخطل :
إمّا تَرَيْنِي حنَانِي الشّيْبُ مِنْ كِبَرٍ ***كالنّسْرِ أرْجُفُ وَالإنْسانُ مَهْدُودُ
وإنما عنى بالرجفة ههنا : الصيحة التي زعزعتهم وحرّكتهم للهلاك ، لأن ثمود هلكت بالصيحة فيما ذكر أهل العلم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : الرجفة ، قال : الصيحة .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : فَأخَذَتْهُمُ الرّجْفَةُ وهي الصيحة .
حدثني الحرث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا أبو سعد ، عن مجاهد : فَأخَذَتْهُمُ الرّجْفَةُ قال : الصيحة .
وقوله : فَأصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جاثِمِينَ يقول : فأصبح الذين أهلك الله من ثمود في دارهم ، يعني في أرضهم التي هلكوا فيها وبلدتهم ولذلك وحد الدار ولم يجمعها فيقول «في دورهم » . وقد يجوز أن يكون أريد بها الدور ، ولكن وجه بالواحدة إلى الجمع ، كما قيل : وَالعَصْرِ إنّ الإنْسانَ لَفِي خُسْرٍ .
وقوله : جاثِمِينَ يعني : سقوطا صرعى لا يتحرّكون لأنهم لا أرواح فيهم قد هلكوا ، والعرب تقول للبارك على الركبة : جاثم ، ومنه قول جرير :
عَرَفْتُ المُنْتَأَى وعَرَفْتُ مِنها ***مَطايا القِدْرِ كالحِدَإِ الجُثُوم
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : فَأصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جاثِمِينَ قال : ميتين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.