ثم سبب عن عتوهم{[32608]} قوله : { فأخذتهم الرجفة } أي التي كانت عنها أو منها الصيحة ، أخذ من هو في القبضة على غاية من الصغار والحقارة ، ولعل توحيد الدار هنا مع الرجفة في قصة صالح وشعيب عليهما السلام في قوله تعالى : { فأصبحوا في دارهم } أي مساكنهم ، وجمعها في القصتين مع الصيحة ، في سورة هود عليه السلام للإشارة إلى عظم الزلزلة والصيحة في الموضعين ، وذلك لأن الزلزلة إذا كانت في شيء واحد كانت أمكن ، فتكون{[32609]} في المقصود من النكال أعظم ، والصيحة من شأنها الانتشار ، فإذا عمت الأماكن المتنائية والديار المتباعدة فأهلكت أهلها ومزقت جماعتها وفرقت شملها ، كانت من القوة المفرطة والشدة البالغة بحيث تنزعج{[32610]} من تأمل وصفها النفوس وتجب له القلوب ، وحاصله أنه حيث عبر بالرجفة وحد الدار إشارة إلى شدة العذاب بعظم الاضطراب ، وحيث عبر بالصيحة جمع إيماء إلى عموم الموت بشدة الصوت ، ولا مخالفة لأن عذابهم كان بكل منهما ، ولعل إحداهما كانت سبباً للأخرى{[32611]} ، ولعل المراد بالرجفة اضطراب القلوب اضطراباً قطعها ، أو أن الدار رجفت فرجفت القلوب وهو أقرب ، وخصت{[32612]} الأعراف بما ذكر فيها ، لأن مقصودها إنذار المعرضين ، والرجفة أعظم قرعاً لعدم الإلف لها - والله اعلم { جاثمين* } أي باركين على ركبهم لازمين أماكنهم لا حراك بأحد منهم ، ولم يبق منهم في تلك الساعة أحد{[32613]} إلا رجل واحد كان في الحرم ، فلما خرج منه أصابه ما أصاب قومه وهو أبو رغال{[32614]} ، ومسافة الحرم عن أرضهم تزيد على مسيرة{[32615]} عشرة أيام ، ومن الآيات العظيمة أن ذلك الذي خلع{[32616]} قلوبهم وأزال أرواحهم لم يؤثر في صالح عليه السلام والمستضعفين معه شيئاً ، وذلك مثل الريح التي{[32617]} زلزلت الأحزاب ، وأنالتهم أشد العذاب ، ورمتهم بالحجارة والتراب حتى هزمتهم وما نال{[32618]} النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه منها{[32619]} كبير أذى ، وكفها الله عن حذيفة ، وكذا البرد الذي كان ذلك زمانه لما أرسله النبي صلى الله عليه وسلم ليتعرف{[32620]} له أخبارهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.