معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱذۡهَبُواْ بِقَمِيصِي هَٰذَا فَأَلۡقُوهُ عَلَىٰ وَجۡهِ أَبِي يَأۡتِ بَصِيرٗا وَأۡتُونِي بِأَهۡلِكُمۡ أَجۡمَعِينَ} (93)

فلما عرفهم يوسف نفسه سألهم عن أبيه ، فقال : ما فعل أبي بعدي ؟ قالوا : ذهبت عيناه فأعطاهم قميصه ، ثم قال : { اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا } ، أي : يعد مبصرا . وقيل : يأتيني بصيرا لأنه كان قد دعاه . قال الحسن : لم يعلم أنه يعود بصيرا إلا بعد أن أعلمه الله عز وجل . قال الضحاك : كان ذلك القميص من نسج الجنة . وعن مجاهد قال : أمره جبريل أن يرسل إليه قميصه ، وكان ذلك القميص قميص إبراهيم عليه السلام ، وذلك أنه جرد من ثيابه وألقي في النار عريانا ، فأتاه جبريل بقميص من حرير الجنة ، فألبسه إياه فكان ذلك القميص عند إبراهيم عليه السلام ، فلما مات ورثه إسحاق ، فلما مات ورثه يعقوب ، فلما شب يوسف جعل يعقوب ذلك القميص في قصبة ، وسد رأسها ، وعلقها في عنقه ، لما كان يخاف عليه من العين ، فكان لا يفارقه . فلما ألقى في البئر عريانا جاءه جبريل عليه السلام وعلى يوسف ذلك التعويذ ، فأخرج القميص منه وألبسه إياه ، ففي هذا الوقت جاء جبريل عليه السلام إلى يوسف عليه السلام ، وقال : أرسل ذلك القميص ، فإن فيه ريح الجنة لا يقع على سقيم ولا مبتلى إلا عوفي ، فدفع يوسف ذلك القميص إلى إخوته وقال : ألقوه على وجه أبي يأت بصيرا { وأتوني بأهلكم أجمعين } .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ٱذۡهَبُواْ بِقَمِيصِي هَٰذَا فَأَلۡقُوهُ عَلَىٰ وَجۡهِ أَبِي يَأۡتِ بَصِيرٗا وَأۡتُونِي بِأَهۡلِكُمۡ أَجۡمَعِينَ} (93)

ثم انتقل يوسف - عليه السلام - من الحديث عن الصفح عنهم إلى الحديث عن أبيه الذي ابيضت عيناه عليه من الحزن فقال :

{ اذهبوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ على وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ } .

أى : اذهبوا يا إخوتى بقميصى هذا { فَأَلْقُوهُ على وَجْهِ أَبِي } الذي طال حزنه بسبب فراقى له { يَأْتِ بَصِيراً } أى يرتد إيله كامل بصره ، بعد أن ضعف من شدة الحزن .

{ وأتونى } معه إلى هنا ومعكم أهلكم جميعاً من رجال ونساء وأطفال .

وقول يوسف هذا إنا هو بوحى من الله - تعالى - فهو - سبحانه الذي ألهمه أن إلقاء قميصه على وجه أبيه يؤدى إلى ارتداد بصره إليه كاملا ، وهذا من باب خرق العادة بالنسبة لهذين النبيين الكريمين .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ٱذۡهَبُواْ بِقَمِيصِي هَٰذَا فَأَلۡقُوهُ عَلَىٰ وَجۡهِ أَبِي يَأۡتِ بَصِيرٗا وَأۡتُونِي بِأَهۡلِكُمۡ أَجۡمَعِينَ} (93)

اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ ( 93 ) وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ ( 94 ) قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ ( 95 )

حكمه بعد الأمر إلقاء القميص على وجه أبيه بأن أباه يأتي بصيراً ويزول عماه دليل على أن هذا كله بوحي وإعلام من الله . قال النقاش : وروي أن هذا القميص كان لإبراهيم كساه الله إياه حين خرج من النار وكان من ثياب الجنة . وكان بعد لإسحاق ثم ليعقوب ثم كان دفعه ليوسف فكان عنده في حفاظ من قصب .

قال القاضي أبو محمد : وهذا كله يحتاج إلى سند ، والظاهر أنه قميص يوسف الذي هو منه بمنزلة قميص كل أحد ، وهكذا تبين الغرابة في أن وجد ريحه من بعد ، ولو كان من قميص الجنة لما كان في ذلك غرابة ولوجده كل أحد .

وأما «أهلهم » فروي : أنهم كانوا ثمانين نسمة ، وقيل ستة وسبعين نفساً بين رجال ونساء - وفي هذا العدد دخلوا مصر ثم خرج منها أعقابهم مع موسى في ستمائة ألف . وذكر الطبري عن السدي أنه لما كشف أمره لإخوته سألهم عن أبيهم : ما حاله ؟ فقالوا : ذهب بصره من البكاء . فحينئذ قال لهم : { اذهبوا بقميصي } الآية .