الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{ٱذۡهَبُواْ بِقَمِيصِي هَٰذَا فَأَلۡقُوهُ عَلَىٰ وَجۡهِ أَبِي يَأۡتِ بَصِيرٗا وَأۡتُونِي بِأَهۡلِكُمۡ أَجۡمَعِينَ} (93)

وأخرج الحكيم الترمذي وأبو الشيخ ، عن وهب بن منبه - رضي الله عنه - قال : لما كان من أمر إخوة يوسف ما كان ، كتب يعقوب إلى يوسف - وهو لا يعلم أنه يوسف - بسم الله الرحمن الرحيم . من يعقوب بن إسحق بن إبراهيم إلى عزيز آل فرعون ، سلام عليك . فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ، أما بعد : فإنا أهل بيت ، مولع بنا أسباب البلاء . كان جدي إبراهيم ، خليل الله عليه السلام ألقي في النار في طاعة ربه ، فجعلها عليه الله برداً وسلاماً . وأمر الله جدي أن يذبح له أبي ، ففداه الله بما فداه الله به . وكان لي ابن وكان من أحب الناس إلي ففقدته .

فأذهب حزني عليه نور بصري ، وكان له أخ من أمه ، كنت إذا ذكرته ضممته إلى صدري . فأذهب عني وهو المحبوس عندك في السرقة ، وأني أخبرك أني لم أسرق ولم ألد سارقاً . فلما قرأ يوسف عليه السلام الكتاب ، بكى وصاح وقال { اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيراً } .

وأخرج أبو الشيخ ، عن الحسن - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في قوله { اذهبوا بقميصي هذا } « إن نمرود لما ألقى إبراهيم في النار ، نزل إليه جبريل بقميص من الجنة ، وطنفسة من الجنة ، فألبسه القميص وأقعده على الطنفسة ، وقعد معه يتحدث ، فأوحى الله إلى النار { كوني برداً وسلاماً على إبراهيم } [ الأنبياء : 69 ] ولولا أنه قال : وسلاماً ، لأذاه البرد ولقتله البرد » .

وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم : « يا خير البشر ، فقال : ذاك يوسف صديق الله ابن يعقوب إسرائيل الله ابن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله . إن الله كسا إبراهيم ثوباً من الجنة ، فكساه إبراهيم إسحاق ، فكساه إسحاق يعقوب ، فأخذه يعقوب فجعله في قصبة حديد ، وعلقه في عنق يوسف ، ولو علم إخوته إذ ألقوه في الجب لأخذوه ، فلما أراد الله أن يرد يوسف على يعقوب وكان بين رؤياه وتعبيرها أربعين سنة ، أمر البشير أن يبشره من ثمان مراحل ، فوجد يعقوب ريحه فقال { إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون } فلما ألقاه على وجهه ارتد بصيراً ، وليس يقع شيء من الجنة على عاهة من عاهات الدنيا إلا أبرأها بإذن الله تعالى .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب - رضي الله عنه - قال : لما ألقي إبراهيم في النار ، كساه الله تعالى قميصاً من الجنة ، فكساه إبراهيم إسحاق ، وكساه إسحاق يعقوب ، وكساه يعقوب يوسف ، فطواه وجعله في قصبة فضة ، فجعله في عنقه وكان في عنقه حين ألقي في الجب ، وحين سجن ، وحين دخل عليه إخوته . وأخرج القميص من القصبة فقال { اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيراً } فشم يعقوب عليه السلام ريح الجنة وهو بأرض كنعان ، بأرض فلسطين ، فقال { إني لأجد ريح يوسف } .

أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال : كان أهله حين أرسل إليهم ، فأتوا مصر ثلاثة وتسعين إنساناً ، رجالهم أنبياء ، ونساؤهم صِدِّيقات ، والله ما خرجوا مع موسى عليه السلام ، حتى بلغوا ستمائة ألف وسبعين ألفاً .

وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس - رضي الله عنه - قال : خرج يعقوب عليه السلام إلى يوسف عليه السلام بمصر ، في اثنين وسبعين من ولده وولد ولده ، فخرجوا منها مع موسى عليه السلام وهم ستمائة ألف .