معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَقُلۡ جَآءَ ٱلۡحَقُّ وَزَهَقَ ٱلۡبَٰطِلُۚ إِنَّ ٱلۡبَٰطِلَ كَانَ زَهُوقٗا} (81)

قوله عز وجل : { وقل جاء الحق } يعني القرآن { وزهق الباطل } أي : ذهب الشيطان ، قال قتادة ، وقال السدي : الحق : الإسلام ، والباطل الشرك . وقيل : الحق : عبادة الله والباطل : عبادة الأصنام . { إن الباطل كان زهوقاً } ذاهباً ، يقال : زهقت نفسه أي خرجت .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، حدثنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا صدقة بن الفضل ، حدثنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد عن أبي معمر بن عبد الله ، قال : " دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وحول البيت ستون وثلاثمائة نصب ، فجعل يطعنها بعود في يده ويقول : جاء الحق ، وزهق الباطل . جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد " .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَقُلۡ جَآءَ ٱلۡحَقُّ وَزَهَقَ ٱلۡبَٰطِلُۚ إِنَّ ٱلۡبَٰطِلَ كَانَ زَهُوقٗا} (81)

ثم بشره - سبحانه - بأن النصر له آت لا ريب فيه فقال - تعالى - { وَقُلْ جَآءَ الحق وَزَهَقَ الباطل إِنَّ الباطل كَانَ زَهُوقاً } .

والحق فى لغة العرب : الشئ الثابت الذى ليس بزائل ولا مضمحل . والباطل على النقيض منه .

والمراد بالحق هنا : حقائق الإِسلام وتعاليمه التى جاء بها النبى صلى الله عليه وسلم من عند ربه - عز وجل - .

والمراد بالباطل : الشرك والمعاصى التى ما أنزل الله بها من سلطان ، والمراد بزهوقه : ذهابه وزواله . يقال : فلان زهقت روحه ، إذا خرجت من جسده وفارق الحياة .

أى : وقل - أيها الرسول الكريم - على سبيل الشكر لربك ، والاعتراف له بالنعمة ، والاستبشار بنصره ، قل : جاء الحق الذى أرسلنى به الله - تعالى - وظهر على كل ما يخالفه من شرك وكفر ، وزهق الباطل ، واضمحل وجوده وزالت دولته ، إن الباطل كان زهوقاً ، أى : كان غير مستقر وغير ثابت فى كل وقت . كما قال - تعالى - : { قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بالحق عَلاَّمُ الغيوب قُلْ جَآءَ الحق وَمَا يُبْدِىءُ الباطل وَمَا يُعِيدُ }

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَقُلۡ جَآءَ ٱلۡحَقُّ وَزَهَقَ ٱلۡبَٰطِلُۚ إِنَّ ٱلۡبَٰطِلَ كَانَ زَهُوقٗا} (81)

وقوله { وقل جاء الحق } الآية ، قال قتادة : { الحق } القرآن ، و { الباطل } الشيطان ، وقالت فرقة : { الحق } الإيمان ، { والباطل } الكفر ، وقال ابن جريج : { الحق } الجهاد ، { والباطل } الشرك ، وقيل غير ذلك ، والصواب تعميم اللفظ بالغاية الممكنة ، فيكون التفسير جاء الشرع بجميع ما نطوى فيه ، { وزهق } الكفر بجميع ما انطوى فيه ، و { الباطل } كل ما لا تنال به غاية نافعة . وقوله { كان زهوقاً } ليست { كان } إشارة إلى زمن مضى ، بل المعنى كان وهو يكون ، وهذا كقولك كان الله عليماً قادراً ونحو هذا ، وهذه الآية نزلت بمكة ، ثم إن رسول الله كان يستشهد بها يوم فتح مكة وقت طعنه الأصنام وسقوطها لطعنه إياها بالمخصرة{[7679]} حسبما في السيرة لابن هشام وفي غيرها .


[7679]:المخصرة : ما يتوكأ عليها كالعصا ونحوه، وقضيب يشار به في أثناء الخطابة، وكان يتخذه الملوك والخطباء. وقد روى ابن مسعود أن رسول الله صلى عليه وسلم دخل مكة وحول البيت ثلاثمائة وستون صنما، فجعل يطعنها ويقول: (جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا)، أخرجه البخاري، ومسلم، والترمذي، من طرق، عن سفيان ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن أبي معمر، عن ابن مسعود رضي الله عنه.