معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمَا يَنظُرُ هَـٰٓؤُلَآءِ إِلَّا صَيۡحَةٗ وَٰحِدَةٗ مَّا لَهَا مِن فَوَاقٖ} (15)

قوله تعالى : { وما ينظر } ينتظر ، { هؤلاء } يعني : كفار مكة ، { إلا صيحة واحدة } وهي نفخة الصور ، { ما لها من فواق } قرأ حمزة ، و الكسائي : ( ( فواق ) ) بضم الفاء ، وقرأ الآخرون بفتحها وهما لغتان ، بالفتح لغة قريش ، والضم لغة تميم . قال ابن عباس و قتادة : من رجوع ، أي : ما يرد ذلك الصوت فيكون له رجوع . وقال مجاهد : نظرة . وقال الضحاك : مثنوية ، أي صرف ورد . والمعنى : أن تلك الصيحة التي هي ميعاد عذابهم إذا جاءت لم ترد ولم تصرف . وفرق بعضهم بين الفتح والضم ، فقال الفراء ، وأبو عبيدة : الفتح بمعنى الراحة والإفاقة ، كالجواب من الإجابة ، وذهبا بها إلى إفاقة المريض من علته ، والفواق بالضم ما بين الحلبتين ، وهو أن تحلب الناقة ثم تترك ساعة حتى يجتمع اللبن ، فما بين الحلبتين فواق ، أي أن العذاب لا يمهلهم بذلك القدر . وقيل : هما أيضاً مستعارتان من الرجوع ، لأن اللبن يعود إلى الضرع بين الحلبتين ، وإفاقة المريض : رجوعه إلى الصحة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمَا يَنظُرُ هَـٰٓؤُلَآءِ إِلَّا صَيۡحَةٗ وَٰحِدَةٗ مَّا لَهَا مِن فَوَاقٖ} (15)

وقوله - سبحانه - : { وَمَا يَنظُرُ هؤلاء إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ } . بيان للعذاب المعد للمشركين المعاصرين للنبى صلى الله عليه وسلم بعد بيان العقاب الذى حل بالسابقين .

والمراد بالصحية هنا : النفخة الثانية التى ينفخها إسرافيل فى الصور ، فيقوم الخلائق من قبورهم للحساب والجزاء .

وقيل المراد بها النفخة الأولى ، وضعف هذا القول بأنهم لن يكونوا موجودين وقتها حتى يصعقوا بها . .

وينظرون هنا بمعنى ينتظرون . وجعلهم - سبحانه - منتظرين للعقاب مع أنهم لم ينتظروه على سبيل الحقيقة لإِشعار بتحقق وقوعه ، وأنهم بصدد لقائه ، فهم لذلك فى حكم المنتظرين له .

أى : وما ينتظر هؤلاء المشركون الذين هم أمثال المهلكين من قبلهم ، { إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً } أى : نفخة واحدة ينفخا إسرافيل { فَإِذَا هُم مِّنَ الأجداث إلى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ } وهذه النفخة { مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ } أى : ليس لها من توقف وانتظار حتى ولو بمقدار فواق ناقة وهو الزمن الذى يكون بين الحلبتين ، أو الزمن الذى يكون فيه رجوع اللبن فى الضرع بعد الحلب .

والمقصود بيان أن هذه الصيحة سريعة الوقوع ، وأنها لن تتأخر عن وقتها ، وأنها صيحة واحدة فقط يتم بعدها كل شئ يتعلق بالبعث والجزاء .

قال الجمل فى حاشيته ما ملخصه : قوله : { مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ } يجوز أن يكون قوله { لها } رافعا لقوله : { مِن فَوَاقٍ } على الفاعلية لاعتماده على النفى . وأن يكون جملة من مبتدأ وخبر ، وعلى التقديرين فالجملة المنفية صفة لصيحة ، ومن مزيدة . .

والفواق - بفتح الفاء وضمها - الزمان الذى بين حلبتى الحالب ورضعتى الراضع - والمعنى : ما لها من توقف قدر فواق ناقة . وفى الحديث : " العيادة قدر فوق ناقة " .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمَا يَنظُرُ هَـٰٓؤُلَآءِ إِلَّا صَيۡحَةٗ وَٰحِدَةٗ مَّا لَهَا مِن فَوَاقٖ} (15)

وقوله : { وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلاءِ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ } : قال مالك عن زيد بن أسلم : أي ليس لها مثنوية أي : ما ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها أي : فقد اقتربت ودنت وأزفت وهذه الصيحة هي نفخة الفزع التي يأمر الله إسرافيل أن يطولها ، فلا يبقى أحد من أهل السماوات والأرض إلا فزع إلا من استثنى الله عز وجل .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمَا يَنظُرُ هَـٰٓؤُلَآءِ إِلَّا صَيۡحَةٗ وَٰحِدَةٗ مَّا لَهَا مِن فَوَاقٖ} (15)

{ وما ينظر هؤلاء } وما ينتظر قومك أو الأحزاب فإنهم كالحضور لاستحضارهم بالذكر ، أو حضورهم في علم الله تعالى : { إلا صيحة واحدة } هي النفخة الأولى . { ما لها من فواق } من توقف مقدار فواق وهو ما بين الحلبتين ، أو رجوع وترداد فإنه فيه يرجع اللبن إلى الضرع ، وقرأ حمزة والكسائي بالضم وهما لغتان .