الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَمَا يَنظُرُ هَـٰٓؤُلَآءِ إِلَّا صَيۡحَةٗ وَٰحِدَةٗ مَّا لَهَا مِن فَوَاقٖ} (15)

قوله : { مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ } : يجوزُ أَنْ يكونَ " لها " رافعاً ل " مِنْ فَواق " بالفاعليةِ لاعتمادِه على النفي ، وأَنْ يكونَ جملةً مِنْ مبتدأ وخبرٍ ، وعلى التقديرَيْن فالجملةُ المنفيَّةُ في محلِّ نصبٍ صفةً ل " صَيْحةً " و " مِنْ " مزيدةٌ . وقرأ الأخَوان " فُواق " بضمِّ الفاءِ ، والباقون بفتحها . فقيل : [ هما ] لغتان بمعنًى واحدٍ ، وهما الزمانُ الذي بين حَلْبَتَيْ الحالبِ ورَضْعَتَيْ الراضِع ، والمعنى : ما لها مِنْ تَوَقُّفٍ قَدْرَ فُواقِ ناقةٍ . وفي الحديث : " العِيادَةُ قَدْرَ فُواقِ ناقة " وهذا في المعنى كقوله تعالى : { فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً } [ الأعراف : 34 ] . وقال ابن عباس : ما لها مِنْ رجوعٍ . مِنْ أفاق المريضُ : إذا رَجَعَ إلى صحته . وإفاقةُ الناقةِ ساعةَ يَرْجِعُ اللبنُ إلى ضَرْعِها . يقال : أفاقَتِ الناقةُ تُفِيْقُ إفاقَةً رَجَعَتْ واجتمعَتْ الفِيْقَةُ في ضَرْعِها . والفِيْقَةُ : اللبنُ الذي يَجْتمع بين الحَلَبَتين ويُجْمع على أفْواق . وأمّا أفاوِيْقُ فجمعُ الجمع . ويُقال : ناقة مُفِيْقٌ ومُفِيْقَةٌ . وقيل : فَواق بالفتح : الإِفاقة والاستراحة كالجواب من أجاب . قاله مُؤرِّج السدوسيُّ والفراء . ومن المفسِّرين ابن زيد والسدِّي . وأمَّا المضمومُ فاسمٌ لا مصدرٌ . والمشهورُ أنهما بمعنىً واحدٍ كقَصاصِ [ الشَّعْر ] وقُصاصِه وحَمام المكُّوك وحُمامِه .