فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَمَا يَنظُرُ هَـٰٓؤُلَآءِ إِلَّا صَيۡحَةٗ وَٰحِدَةٗ مَّا لَهَا مِن فَوَاقٖ} (15)

{ وَمَا يَنْظُرُ } أي ما ينتظر { هَؤُلَاءِ } أي كفار مكة { إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً } وهي النفخة الكائنة عند قيام الساعة . وقيل : هي النفخة الثانية . وعلى الأول المراد من عاصر نبينا صلى الله عليه وسلم من الكفار . وعلى الثاني المراد كفار الأمم المذكورة أي ليس بينهم وبين ما أعد الله لهم من عذاب النار إلا أن ينفخ في الصور النفخة الثانية . وقيل : المراد بالصيحة عذاب يفجأهم في الدنيا وجملة :

{ مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ } في محل نصب صفة لصيحة ، قال الزجاج . فواق بفتح الفاء وضمها لغتان بمعنى واحد ، وهو الزمان الذي بين حلبتي الحالب ، ورضعتي الراضع ، وهو مشتق من الرجوع أيضا ، لأنه يعود اللبن إلى الضرع بين الحلبتين ، ويقال . أفاق من مرضه أي رجع إلى الصحة ، ولهذا قال مجاهد ومقاتل . إن الفواق الرجوع ، وقال قتادة : ما لها من مثنوية وقال السدي : ما لها من إفاقة ، وقيل : ما لها من مرد قال الجوهري : ما لها من نظرة وراحة وإفاقة .

وقال ابن عباس : ما لها من رجعة . والفيقة اسم اللبن الذي يجتمع بين الحلبتين وجمعها فيق وفواق وأما أفاويق فجمع الجمع قال الفراء والسدوسي وأبو عبيدة وابن زيد والسدي الفواق بفتح الفاء الراحة وإفاقة أي لا يفيقون فيها كما يفيق المريض والمغشي عليه . وبالضم الانتظار ، ومعنى الآية أن تلك الصيحة هي ميعاد عذابهم . فإذا جاءت لم ترجع ولا ترد عنهم ، ولا تصرف منهم ، ولا تتوقف مقدار فوق ناقة ، وهي ما بين حلبتي الحالب لها ، وهذا في المعنى كقوله تعالى : { فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ } .