البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَمَا يَنظُرُ هَـٰٓؤُلَآءِ إِلَّا صَيۡحَةٗ وَٰحِدَةٗ مَّا لَهَا مِن فَوَاقٖ} (15)

{ وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق } .

الفواق ، بضم الفاء وفتحها : الزمان الذي ما بين حلبتي الحالب ورضعتي الراضع ، وفي الحديث : « العبادة قدر فواق الناقة » وأفاقت الناقة إفاقة : اجتمعت الفيقة في ضرعها فهي مفيق ومفيقة ، عن أبي عمرو .

والفيقة : اللبن الذي يجتمع بين الحلبتين ، ويجمع على أفواق ، وأفاويق جمع الجمع .

وقال أبو عبيدة والفراء ومؤرج : الفواق ، بالفتح : الإفاقة والاستراحة .

{ وما ينظر } : أي ينظر ، { هؤلاء } : إشارة إلى كفار قريش ، والإشارة بهؤلاء مقوية أن الإشارة باؤلئك هي للذين يلونها من قوم نوح وما عطف عليه .

وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون إشارة إلى جميع الأحزاب لاستحضارهم بالذكر ، أو لأنهم كالحضور عند الله .

انتهى .

وفيه بعد ، وهو إخبار منه تعالى صدقه الوجود .

والصيحة : ما نالهم من قتل وأسر وغلبة ، كما تقول ؛ صاح فيهم الدهر .

وقال قتادة : توعدهم بصيحة القيامة والنفخ في الصور .

وقيل : بصيحة يملكون بها في الدنيا .

فالقول الأول فيه الانتظار من الرسول لشيء معين فيهم ، وعلى هذين القولين بمدرج عقوبة ، وتحت أمر خطر ما ينتظرون فيه إلا الهلكة .

وقرأ الجمهور : { من فواق } ، بفتح الفاء ؛ والسلمي ، وابن وثاب ، والأعمش ، وحمزة ، والكسائي ، وطلحة : بضمها ، فقيل : هما بمعنى واحد ، كقصاص الشعر .

وقال ابن زيد ، والسدي : بالفتح ، إفاقة من أفاق واستراح ، كجواب من أجاب .

قال ابن عباس : { من فواق } : من ترداد .

وقال مجاهد : من رجوع .