{ لواحة للبشر } مغيرة للجلد حتى تجعله أسود ، يقال : لاحه السقم والحزن إذا غيره ، وقال مجاهد : تلفح الجلد حتى تدعه أشد سواداً من الليل . وقال ابن عباس وزيد بن أسلم : محرقة للجلد . وقال الحسن وابن كيسان : تلوح لهم جهنم حتى يروها عياناً نظيره قوله : { وبرزت الجحيم للغاوين }( الشعراء- 91 ) ، و " لواحة " رفع على نعت { سقر } في قوله : { وما أدراك ما سقر } والبشر جمع بشرة وجمع البشر أبشار .
وقوله : { لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ } صفة ثالثة من صفات سقر .
ومعنى : { لَوَّاحَةٌ } مُغَيِّرة للبشرَات . مُسَوِّدة للوجوه ، صيغة مبالغة من اللَّوْح بمعنى تغيير الشئ يقال : فلان لوَّحته الشمس ، إذا سَوَّدَتْ ظاهرهَ وأطرافه . والبشر : جمع بشرة وهى ظاهر الجلد .
أى : أن هذه النار من صفاتها - أيضا - أنها تغير ألوان الجلود ، فتجعلها مسودة بعد أن كانت على غير هذا اللون ، وأنها لا تنزل بالأجساد من الآلام ما لا يعلمه إلا الله - تعالى - .
وقوله : لَوّاحَةٌ للبَشَر يعني جلّ ثناؤه مغيّرة لبشر أهلها واللوّاحة من نعت سقر ، وبالردّ عليها رُفعت ، وحسُن الرفع فيها ، وهي نكرة ، وسقر معرفة ، لما فيها من معنى المدح . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد لَوّاحَةٌ للْبَشَر قال : الجلد .
حدثني أبو السائب ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن إسماعيل ، عن أبي رزين لَوّاحَةٌ للْبَشَر قال : تلفح الجلد لفحة ، فتدعه أشدّ سوادا من الليل .
حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : حدثنا أبي وشعيب بن الليث ، عن خالد بن يزيد ، عن ابن أبي هلال ، قال : قال زيد بن أسلم لَوّاحَةٌ للْبَشَر : أي تلوّح أجسادهم عليها .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : لَوّاحَةٌ للْبَشَر أي حرّاقة للجلد .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : لَوّاحَةٌ للْبَشَر يقول : تحرق بشرة الإنسان .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : لَوّاحَةٌ للْبَشَر قال : تغير البشر ، تحرق البشر يقال : قد لاحه استقباله السماء ، ثم قال : النار تغير ألوانهم .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن إسماعيل بن سميع ، عن أبي رزين لَوّاحَةٌ لِلْبَشَر غيرت جلودهم فاسودّت .
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن إسماعيل بن سميع ، عن أبي رزين مثله .
حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : لَوّاحَةٌ للْبَشَر يعني بشر الإنسان ، يقول : تحرق بشره .
حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله لَوّاحَةٌ للْبَشَر يقول : معرّضة .
وأخشى أن يكون خبر عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس هذا غلطا ، وأن يكون موضع معرّضة مغيّرة ، لكن صحّف فيه .
وقوله تعالى : { لواحة للبشر } ، قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وأبو رزين وجمهور الناس : معناه ، مغيرة للبشرات ، محرقة للجلود مسودة لها ، و «البشر » جمع بشرة ، وتقول العرب : لاحت النار الشيء إذا أحرقته وسودته ، وقال الشاعر [ الأعشى ] : [ الخفيف ]
لاحة الصيف والغيار وإشفا*** ق على سقبة كقوس الضال{[11428]}
يا بنت عمي لاحني الهواجر{[11429]}*** وقال الحسن وابن كيسان : { لواحة } بناء مبالغة من لاح يلوح إذا ظهر ، والمعنى أنها تظهر للناس وهم البشر من مسيرة خمسمائة عام ، وذلك لعظمها وهولها وزفيرها . وقرأ عطية العوفي «لواحةً » بالنصب .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يعني جلّ ثناؤه مغيّرة لبشر أهلها، واللوّاحة من نعت سقر،
قال زيد بن أسلم" لَوّاحَةٌ للْبَشَر": أي تلوّح أجسادهم عليها.
عن أبي رزين "لَوّاحَةٌ للْبَشَر": تلفح الجلد لفحة، فتدعه أشدّ سوادا من الليل.
عن ابن عباس: "لَوّاحَةٌ للْبَشَر "يقول: تحرق بشرة الإنسان.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
قيل: {لواحة للبشر} أي محرقة للجلد، فالبشر الجلد، فجائز أن خص الجلد بالتلويح لأن الجلد، من الإنسان هو الظاهر؛ فيكون ظاهر الإحراق مؤثر فيه.
وقيل: {لواحة للبشر} أي ظاهرة للبشر تظهر لهم، وتلوح، فينظرون إليها، ويتيقنون بالعذاب.
ويحتمل أن يكون قوله: {لواحة للبشر} لأن النار، تأكل جلودهم ولحومهم، فتظهر عظامهم، وتلوح عن ذلك، ثم تبدل جلودا ولحوما أبدا على هذا مدار أمرهم.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ولما كان تغير حال الإنسان إلى دون ما هو عليه غائظاً له موجعاً إذا كان ذلك تغير لونه لأن الظاهر عنوان الباطن، قال الله تعالى دالاً على شدة فعلها في ذلك: {لواحة} أي شديدة التغيير بالسواد والزرقة واللمع والاضطراب والتعطيش ونحوها من الإفساد من شدة حرها.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.