ثم بين ذلك فقال : { ما عندكم ينفد } ، أي : الدنيا وما فيها يفنى ، { وما عند الله باق } . { ولنجزين } ، قرأ أبو جعفر و ابن كثير و عاصم بالنون ، والباقون بالياء . { الذين صبروا } ، على الوفاء في السراء والضراء ، { أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون } .
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الخرقي ، أنبأنا أبو الحسن الطيسفوني ، أنبأنا عبد الله بن عمر الجوهري ، حدثنا أحمد بن علي الكشميهني ، حدثنا علي بن حجر ، حدثنا إسماعيل بن جعفر ، حدثنا عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب ، عن أبي موسى الأشعري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من أحب دنياه أضر بآخرته ، ومن أحب آخرته أضر بدنياه ، فآثروا ما يبقى على ما يفنى " .
ثم أضاف - سبحانه - إلى ترغيبهم في العمل بما يرضيه ترغيبا آخر فقال : { مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ الله بَاقٍ } .
أي : ما عندكم من متاع الدنيا وزهرتها يفنى وينقضي ويزول ، وما عند الله - تعالى - في الآخرة من عطاء باق لا يفنى ولا يزول ، فآثروا ما يبقى على ماينفد . يقال : نفد الشيء ، بكسر الفاء ، - ينفد - بفتحها - نفادا ونفودا ، إذا ذهب وفني .
ثم بشر - سبحانه - الصابرين على طاعته بأعظم البشارات فقال : { وَلَنَجْزِيَنَّ الذين صبروا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } .
أي : ولنجزين الذين صبروا على طاعتنا ، واجتنبوا معصيتنا ، ووفوا بعهودنا ، بجزاء أفضل وأكرم مما كانوا يعملونه في الدنيا من خيرات وطاعات .
وأكد - سبحانه - هذه البشارة بلام القسم ، ونون التوكيد ، لترغيبهم في الثبات على فضيلة الصبر ، وعلى الوفاء بالعهد .
قال الجمل ما ملخصه : وقوله : { أجرهم } : مفعول ثان لنجزي . وقوله : { بأحسن } : نعت لمحذوف ، أي : بجزاء أحسن من عملهم الذي كانوا يعملونه في الدنيا ، والباء بمعنى على .
{ مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ } ، أي : يفرغ وينقضي ، فإنه إلى أجل معدود محصور مقدَّر مُتَناه ، { وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ } ، أي : وثوابه لكم في الجنة باق لا انقطاع ولا نفاد له ، فإنه دائم لا يحول ولا يزول ، { وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } ، قسم من الرب عز وجل{[16681]} مُتَلقى باللام ، أنه يجازي الصابرين بأحسن أعمالهم ، أي : ويتجاوز عن سيئها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.