{ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِعَهْدِ الله } ، أي : لا تختاروا على عهد الله ، والحلف به { ثَمَناً قَلِيلاً } ، أي : عرضاً يسيراً من الدنيا . { إِنَّمَا عِنْدَ الله } في الآخرة من الثواب الدائم { هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ } ، أي : ثواب الجنة . { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } أَن الآخرة خير من الدنيا . ويقال : إن كنتم تصدقون بثوابه . قال الكلبي : نزلت الآية في رجل من حضرموت يقال له : عبدان بن الأشوع . قال : يا رسول الله إنّ امرأ القيس الكندي جاورني في أرض ، فاقتطع أرضي ، فذهب بها ، وغلبني عليها ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أَيَشْهَدُ لَكَ أَحَدٌ عَلَى ما تَقُولُ " قال : يا رسول الله إِنَّ القوم كلهم يعلمون أنِّي صادق فيما أقول ، ولكنه أكرم عليهم مني عليهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لامرىء القيس : " مَا يَقُولُ صَاحِبُكَ " ، قال : الباطل ، والكذب . فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يحلف . فقال عبدان : إنه لفاجر ، وما يبالي أن يحلف . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " إنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ شُهُودٌ فَخُذْ يَمِينَهُ " ، فقال عبدان : وما لِي يا رسول الله إلا يمينه ؟ فقال : «لا » ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يحلف . فلما قام ليحلف ، أخره رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له : " انْصَرِفْ " . فانصرف من عنده . فنزلت هذه الآية : { وَلاَ تَشْتَرُواْ بِعَهْدِ الله ثَمَناً قَلِيلاً } ، إلى قوله : { مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ } ، أي : ما عندكم من أمور الدنيا يفنى ، { وَمَا عِندَ الله بَاقٍ } ، أي : ثواب الله في الجنة دائم لأَهلها . { وَلَنَجْزِيَنَّ الذين صَبَرُواْ } ، عن اليمين وأقروا بالحق . ويقال : الذين صبروا على الإيمان ، وأقروا بالحق ، { أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ، يعني : بالإحسان الذي كانوا يعملون في الدنيا . ويقال : يجزيهم بأحسن أعمالهم ، ويبقى سائر أعمالهم فضلاً . قال الكلبي : فلما نزلت هاتان الآيتان ، قال امرؤ القيس : أَمَّا ما عندي فينفد ، وأمَّا صاحبي فيجزى بأَحسن ما كان يعمل . اللَّهم إنه صادق فيما قال . لقد اقتطعت أرضه ، والله ما أدري كم هي ، ولكنه يأخذ ما يشاء من أرض ومثلها معها بما أكلت من ثمارها . فنزل : { مَنْ عَمِلَ صالحا مّن ذَكَرٍ أَوْ أنثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ } ، يعني : لا يقبل العمل منه ما لم يكن مؤمناً . فإذا كان مؤمناً ، وعمل صالحاً ، يقبل منه .
ثم قال : { فَلَنُحْيِيَنَّهُ حياة طَيّبَةً } ، في الجنة . ويقال : يجعل حياته في طاعة الله . ويقال : فلنقنع منه باليسير من الدنيا . وروي عن ابن عباس أنه قال : الكسب الطيب ، والعمل الصالح . وعن علّي أنه قال : القناعة . وقال الحسن : لا تطيب الحياة لأحد إلا في الجنة . وقال الضحاك : الرزق الحلال ، وعبادة الله تعالى .
ثم قال : { وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم } ، أي : ثوابهم ، { بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ، أي : يثيبهم بإحسانهم ، ويعفو عن سيئاتهم . قرأ ابن كثير ، وعاصم وابن عامر في إحدى الروايتين : { وَلَنَجْزِيَنَّ الذين صَبَرُواْ } ، بالنون . وقرأ الباقون : بالياء . واتفقوا في قوله : «وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ » ، بالنون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.