{ مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ( 96 ) }
ثم ذكر دليلا قاطعا على حقارة عرض الدنيا وخيرية ما عند الله فقال : { مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللّهِ بَاقٍ } ، والنفاذ : الفناء والذهاب ، يقال : نفذ بكسر العين ينفذ بفتحها نفاذا ونفوذا ، وأما نفذ بالمعجمة ففعله نفذ بالفتح ينفذ بالضم ، ويقال : أنفذ القوم ، إذا فنى زادهم ، وباق بثبوت الياء وحذفها مع سكون القاف وهما سبعيتان .
ومعلوم لكل عاقل أن ما ينفذ ويزول وإن بلغ في الكثرة إلى أي مبلغ ، فهو حقير يسير ، وما كان يبقى ولا يزول فهو كثير جليل ، أما نعيم الآخرة فظاهر ، وأما نعيم الدنيا الذي أنعم الله به على المؤمنين فهو وإن كان زائلا ، لكنه لما كان متصلا بنعيم الآخرة كان من هذه الحيثية في حكم الباقي الذي لا ينقطع .
ثم قال : { وَلَنَجْزِيَنَّ } ، بالنون ففيه التفات ، وقرئ بالياء واللام ، هي الموطئة للقسم ، أي : والله لنجزين { الَّذِينَ صَبَرُواْ } ، بسبب صبرهم على ما نالهم من مشاق التكليف والفاقة ، وجهاد الكافرين والصبر على ما ينالهم منهم من الأذى ، { أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ، من الطاعات ، قيل : وإنما خص أحسن أعمالهم ؛ لأن ما عداه وهو الحسن مباح ، والجزاء إنما يكون على الطاعة ، وقيل : المعنى : ولنجزينهم بجزاء أشرف وأوفر من أعمالهم ، كقوله : { من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها } .
وقيل : { أحسن } هنا ليس للتفضيل ، بل بمعنى الحسن ، أو لنجزينهم بحسب أحسن أفراد أعمالهم ، على معنى لنعطينهم بمقابلة الفرد الأدنى من أعمالهم المذكورة ما نعطيهم بمقابلة الفرد الأعلى منها من الجزاء الجزيل ، لا أنا نعطي الأجر بحسب أفرادها المتفاوتة في مراتب الحسن ، بأن نجزي الحسن منها بالأجر الحسن ، والأحسن بالأحسن ، كذا قيل ، وفيه ما لا يخفى من العدة الجميلة باغتفار ما عسى يعتريهم في تضاعيف الصبر من بعض جزع ، ونظمه في سلك الصبر الجميل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.