السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{مَا عِندَكُمۡ يَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٖۗ وَلَنَجۡزِيَنَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُوٓاْ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (96)

ثم بين ذلك بقوله تعالى : { ما عندكم } ، أي : من متاع الدنيا ولذاتها ، { ينفد } ، أي : يفنى ، فصاحبه منغص العيش ، أشدّ ما يكون به اغتباطاً بانقطاعه . { وما عند الله } ، أي : الذي له الأمر كله من ثواب الآخرة ونعيم الجنة ، { باق } ، أي : دائم . روي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «من أحب دنياه أضرّ بآخرته ، ومن أحب آخرته أضرّ بدنياه ، فآثروا ما يبقى على ما يفنى » . وقرأ ابن كثير : " باقي " ، في الوقف بالياء ، والباقون بغير ياء . وأمّا في الوصل : فالجميع بالتنوين . { وليجزينّ الذين صبروا } على الوفاء بما يرضيه من الأوامر والنواهي في السرّاء والضرّاء . { أجرهم } ، أي : ثواب صبرهم ، { بأحسن ما كانوا يعملون } ، أي : بجزاء أحسن من أعمالهم ، أو يجزيهم على أحسن أعمالهم ، وذلك لأنّ المؤمن قد يأتي بالمباحات وبالمندوبات وبالواجبات ، ولا شكّ أنّ الواجبات والمندوبات مما يثاب على فعلها لا على فعل المباحات . وقرأ ابن كثير وعاصم : بالنون قبل الجيم ، أي : ولنجزين نحن ، والباقون بالياء ، أي : وليجزين الله .