فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{مَا عِندَكُمۡ يَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٖۗ وَلَنَجۡزِيَنَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُوٓاْ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (96)

ثم ذكر دليلاً قاطعاً على حقارة عرض الدنيا وخيرية ما عند الله فقال : { مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ الله بَاقٍ } ومعلوم لكل عاقل أن ما ينفد ويزول وإن بلغ في الكثرة إلى أي مبلغ فهو حقير يسير ، وما كان يبقى ولا يزول فهو كثير جليل . أما نعيم الآخرة فظاهر ، وأما نعيم الدنيا الذي أنعم الله به على المؤمنين فهو وإن كان زائلاً ، لكنه لما كان متصلاً بنعيم الآخرة ، كان من هذه الحيثية في حكم الباقي الذي لا ينقطع ، ثم قال : { وَلَنَجْزِيَنَّ الذين صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } اللام هي الموطئة ، أي : لنجزينهم بسبب صبرهم على ما نالهم من مشاقّ التكليف وجهاد الكافرين والصبر على ما ينالهم منهم من الإيذاء بأحسن ما كانوا يعملون من الطاعات .

/خ96