معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَمِنۡهُم مَّنۡ ءَامَنَ بِهِۦ وَمِنۡهُم مَّن صَدَّ عَنۡهُۚ وَكَفَىٰ بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا} (55)

قوله تعالى : { فمنهم من آمن به } . يعني : بمحمد صلى الله عليه وسلم وهم : عبد الله بن سلام وأصحابه .

قوله تعالى : { ومنهم من صد عنه } ، أعرض عنه ولم يؤمن به .

قوله تعالى : { وكفى بجهنم سعيراً } ، وقوداً ، وقيل : الملك العظيم ملك سليمان . وقال السدي : الهاء في قوله { من آمن به ومنهم من صد عنه } راجعة إلى إبراهيم ، وذلك أن إبراهيم زرع ذات سنة ، وزرع الناس ، فهلك زرع الناس وزكا زرع إبراهيم عليه السلام ، فاحتاج إليه الناس فكان يقول : من آمن بي أعطيته . فمن آمن به أعطاه ، ومن لم يؤمن به منعه .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَمِنۡهُم مَّنۡ ءَامَنَ بِهِۦ وَمِنۡهُم مَّن صَدَّ عَنۡهُۚ وَكَفَىٰ بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا} (55)

ثم بين - سبحانه - عاقبة كل من المحسن والمسئ فقال : { فَمِنْهُمْ مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَّن صَدَّ عَنْهُ وكفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً } .

أى : فمن جنس هؤلاء الحاسدين وآبائهم من آمن وصدق بما أعطاه الله لآل إبراهيم من كتاب وحكمه ، ومنهم من كفر به وأعرض عنه وسعى فى صد الناس عنه . فالضمير فى { بِهِ } و { عَنْهُ } يعود إلى ما أوتى آل إبراهيم .

ويرى بعضهم أن الضمير يعود إلى إبراهيم - عليه السلام . فيكون المعنى :

فمن آل إبراهيم من آمن بإبراهيم ومن أعرض عنه ولم يتبع تعاليمه .

وفى هذه الآية الكريمة تسلية للنبى صلى الله عليه وسلم عما لقيه من اليهود من أذى .

فكأنه - سبحانه - يقول له : إن هؤلاء الحاسدين لك قد اختلفوا على من هم منهم ، وأنت يا محمد لست منهم ، فكيف تنتظر منهم أن يسالموك أو يتبعوك ؟

وقوله { وكفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً } بيان لما أعده - سبحانه - للكافرين من عذاب .

أى : وكفى بجهنم نارا مسعرة أى : موقدة إيقادا شديداً يعذبون بها على كفرهم وعنادهم وصدودهم عن الحق . يقال : سعر النار - كمنع - وسعرها وأسعرها أى : أوقدها .

وكفى فعل ماض .

وقوله { بِجَهَنَّمَ } فاعله على زيادة الباء فيه . وقوله { سَعِيراً } تمييز أو حال .

وبهذا نرى أن هذه الآيات الكريمة من قوله - تعالى - { أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الكتاب } إلى قوله : { وكفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً } قد وبخت اليهود على بيعهم دينهم بدنياهم ، وتحريفهم الكلم عن مواضعه واستهزائهم بدعوة الحق ، وتزكيتهم لأنفسهم بالباطل ، وافترائهم على الله الكذب ، وتفضيلهم عبادة الأوثان على عبادة الله ، وعلى بخلهم وحسدهم للنبى صلى الله عليه وسلم على ما آتاه الله من فضله .

وقد توعدتهم على هذه الصفات الذميمة ، والمسالك الخبيثة بأشد أنواع العذاب ، وحذرت المؤمنين من شرورهم ومفاسدهم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَمِنۡهُم مَّنۡ ءَامَنَ بِهِۦ وَمِنۡهُم مَّن صَدَّ عَنۡهُۚ وَكَفَىٰ بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا} (55)

ومع هذا { فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ } أي : بهذا الإيتاء وهذا الإنعام { وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ } أي : كفر به وأعرض عنه ، وسعى في صد الناس عنه ، وهو منهم ومن جنسهم ، أي من بني إسرائيل ، فقد اختلفوا عليهم ، فكيف بك يا محمد ولست من بني إسرائيل ؟ .

وقال مجاهد : { فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ } أي : بمحمد صلى الله عليه وسلم { وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ } فالكفرة منهم أشد تكذيبا لك ، وأبعد عما جئتهم به من الهدى ، والحق المبين .

ولهذا قال متوعدا لهم : { وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا } أي : وكفى بالنار عقوبة لهم على كفرهم وعنادهم ومخالفتهم كتب الله ورسله .