مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{فَمِنۡهُم مَّنۡ ءَامَنَ بِهِۦ وَمِنۡهُم مَّن صَدَّ عَنۡهُۚ وَكَفَىٰ بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا} (55)

ثم قال تعالى : { فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه } واختلفوا في معنى «به » فقال بعضهم : بمحمد عليه الصلاة والسلام ، والمراد أن هؤلاء القوم الذين أوتوا نصيبا من الكتاب آمن بعضهم وبقي بعضهم على الكفر والإنكار . وقال آخرون : المراد من تقدم من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام . والمعنى أن أولئك الأنبياء مع ما خصصتهم به من النبوة والملك جرت عادة أممهم فيهم أن بعضهم آمن به وبعضهم بقوا على الكفر ، فأنت يا محمد لا تتعجب مما عليه هؤلاء القوم ، فإن أحوال جميع الأمم مع جميع الأنبياء هكذا كانت ، وذلك تسلية من الله ليكون أشد صبرا على ما ينال من قبلهم .

ثم قال : { وكفى بجهنم سعيرا } أي كفى بجهنم في عذاب هؤلاء الكفار المتقدمين والمتأخرين . سعيرا ، والسعير الوقود ، يقال أوقدت النار وأسعرتها بمعنى واحد .