وقوله : { فمنهم من آمن به } ، الضميرُ في به عَائِدٌ على " إبراهيم " أوْ على " القرآن " أوْ على الرَّسُولِ - عليه الصلاة والسلام - ، أوْ عَلَى ما أُوتيه إبراهيم - عليه السلام - فإنْ عَادَ إلى مُحَمدٍ ، فالمرادُ بالذين آمنُوا به ، الذين أُوتُوا الكتابَ ؛ آمن بعضُهم كعبدِ اللَّهِ بنِ سلام ، وأصْحَابه ، وبَقِيَ بعضهم على الكُفْرِ والإنْكارِ ، وكذلك إنْ عادَ إلَى مَا أُوتِيه إبراهيم - علّيه السلام - قال السديُّ{[8310]} : الهاءُ في " بِهِ " و " عنه " رَاجِعَةٌ إلى إبْرَاهِيم ، وذلك أنَّهُ زَرَعَ ذَاتَ سَنَة ، وزرع الناسُ [ فِي تِلْكَ السَّنَةِ ]{[8311]} فَهَلَكَ زَرْعُ الناسِ ، وَزَكَا زَرْعُ إبْراهيمَ - عليه السلامِ - فاحتاج الناسُ إلَيْه ، فكان يقولُ : " من آمن بي أعطيته " فمن آمَنَ ، أعْطَاهُ مِنْه ، [ وَمَنْ لَمْ يُؤمِنْ ، منعه مِنْه ]{[8312]} ، وإنْ عاد إلى القُرْآنِ ، فالمعنى : أنَّ الأنبياءَ - عليهم الصلاة والسلام - وأتْباعَهمُ معهم ، صَدَّقُوا بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم وبما جاء به ، وقال آخُرون{[8313]} : المرادُ [ أنَّ ]{[8314]} أولئِكَ الأنبياءَ مع ما خُصُّوا به مِنَ النُّبوةِ ، والمُلْكِ ، جَرَتْ عادَةُ أممِهمْ : أنْ آمَنَ بعضُهم ، وكَفَرَ بعضُهم ، فَلاَ تَتَعَجَّب يا محمدُ ، مِنْ أمتِكَ ، فإنَّ أحْواَلَ جَميعِ الأمَمِ هكذا ، وذلك تَسْلِيةٌ له - عليه السلام - .
قوله : { ومنهم من صد عنه } قَرَأ الجُمْهُورُ " صَدَّ " بفتح الصَّادِ ، وقرأ ابنُ مسعودٍ ، وابنُ عباسٍ ، وعكرمةُ{[8315]} : " صُدًّ " بضمها ، وقرأ أبُو رَجَاء{[8316]} ، وأبو الجَوْزَاءِ : بِكَسْرِهَا ، وكلتا القِرَاءتين على البِنَاء للمفعولِ ، إلا أنَّ المضاعَفَ الثُّلاثِيَّ ، كالمعْتَلِّ العَيْنِ منه ، فيجوزُ في أوله ثلاثُ لغاتٍ ، إخْلاَصُ الضَّمِّ ، وإخلاصُ الكَسْرِ ، والإشمامُ .
قوله : { وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً } ، أيْ : كَفَى بجهنَّمَ [ في ]{[8317]} عذابِ الكُفَّارِ سعيراً والسَّعيرُ : الوقودُ ، وهو تَمْيِِيزٌ ، فإنْ كان بِمَعْنَى التهابٍ واحْتِرَاقٍ ، فَلاَ بُدَّ مِنْ حَذْفِ مُضَافٍ ، أي : كَفَى بسعيرِ جَهَنَّمَ سَعِيراً ؛ لأنَّ تَوَقُّدَهَا ، والتِهَابَهَا لَيْسَ إيَّاهَا ، وإنْ كان بمعنى : مُسَعَّرِ{[8318]} ، فلا يَحْتَاجُ إلى حَذْفٍ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.