معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{مَا عِندَكُمۡ يَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٖۗ وَلَنَجۡزِيَنَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُوٓاْ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (96)

ثم بين ذلك فقال : { ما عندكم ينفد } ، أي : الدنيا وما فيها يفنى ، { وما عند الله باق } . { ولنجزين } ، قرأ أبو جعفر و ابن كثير و عاصم بالنون ، والباقون بالياء . { الذين صبروا } ، على الوفاء في السراء والضراء ، { أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون } .

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الخرقي ، أنبأنا أبو الحسن الطيسفوني ، أنبأنا عبد الله بن عمر الجوهري ، حدثنا أحمد بن علي الكشميهني ، حدثنا علي بن حجر ، حدثنا إسماعيل بن جعفر ، حدثنا عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب ، عن أبي موسى الأشعري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من أحب دنياه أضر بآخرته ، ومن أحب آخرته أضر بدنياه ، فآثروا ما يبقى على ما يفنى " .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{مَا عِندَكُمۡ يَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٖۗ وَلَنَجۡزِيَنَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُوٓاْ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (96)

ثم أضاف - سبحانه - إلى ترغيبهم في العمل بما يرضيه ترغيبا آخر فقال : { مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ الله بَاقٍ } .

أي : ما عندكم من متاع الدنيا وزهرتها يفنى وينقضي ويزول ، وما عند الله - تعالى - في الآخرة من عطاء باق لا يفنى ولا يزول ، فآثروا ما يبقى على ماينفد . يقال : نفد الشيء ، بكسر الفاء ، - ينفد - بفتحها - نفادا ونفودا ، إذا ذهب وفني .

ثم بشر - سبحانه - الصابرين على طاعته بأعظم البشارات فقال : { وَلَنَجْزِيَنَّ الذين صبروا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } .

أي : ولنجزين الذين صبروا على طاعتنا ، واجتنبوا معصيتنا ، ووفوا بعهودنا ، بجزاء أفضل وأكرم مما كانوا يعملونه في الدنيا من خيرات وطاعات .

وأكد - سبحانه - هذه البشارة بلام القسم ، ونون التوكيد ، لترغيبهم في الثبات على فضيلة الصبر ، وعلى الوفاء بالعهد .

قال الجمل ما ملخصه : وقوله : { أجرهم } : مفعول ثان لنجزي . وقوله : { بأحسن } : نعت لمحذوف ، أي : بجزاء أحسن من عملهم الذي كانوا يعملونه في الدنيا ، والباء بمعنى على .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{مَا عِندَكُمۡ يَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٖۗ وَلَنَجۡزِيَنَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُوٓاْ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (96)

90

ويذكر بأن ما عند البشر ولو ملكه فرد فإنه زائل ، وما عند الله باق دائم : ( ما عندكم ينفد وما عند الله باق ) ، ويقوي العزائم على الوفاء ، والصبر لتكاليف الوفاء ، ويعد الصابرين أجرا حسنا ( ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) والتجاوز عما وقع منهم من عمل سيء ، ليكون الجزاء على أحسن العمل دون سواه .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{مَا عِندَكُمۡ يَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٖۗ وَلَنَجۡزِيَنَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُوٓاْ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (96)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلاَ تَشْتَرُواْ بِعَهْدِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً إِنّمَا عِنْدَ اللّهِ هُوَ خَيْرٌ لّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنّ الّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } .

يقول تعالى ذكره : ولا تنقضوا عهودكم أيها الناس وعقودكم التي عاقدتموها من عاقدتم مؤكّديها بأيمانكم ، تطلبون بنقضكم ذلك عرضا من الدنيا قليلاً ، ولكن أوفوا بعهد الله الذي أمركم بالوفاء به يثبكم الله على الوفاء به ، فإن ما عند الله من الثواب لكم على الوفاء بذلك هو خير لكم إن كنتم تعلمون فضل ما بين العِوَضين اللذين أحدهما : الثمن القليل الذي تشترون بنقض عهد الله في الدنيا ، والآخر : الثواب الجزيل في الآخرة على الوفاء به . ثم بين تعالى ذكره فَرْق ما بين العِوَضين وفضل ما بين الثوابين ، فقال : ما عندكم أيها الناس مما تتملكونه في الدنيا وإن كَثُر فنافدٌ فانٍ ، وما عند الله لمن أوفى بعهده وأطاعه من الخيرات باق غير فان ، فلما عنده فاعملوا ، وعلى الباقي الذي لا يفنى فاحرصوا . وقوله : { وَلَنَجْزِيَنّ الّذِينَ صَبَرُوا أجْرَهُمْ بأحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ } ، يقول تعالى ذكره : وليثيبنّ الله الذين صبروا على طاعتهم إياه في السرّاء والضرّاء ، ثوابهم يوم القيامة على صبرهم عليها ومسارعتهم في رضاه ، بأحسن ما كانوا يعملُون من الأعمال دون أسوئها ، وليغفرنّ الله لهم سيئها بفضله .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{مَا عِندَكُمۡ يَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٖۗ وَلَنَجۡزِيَنَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُوٓاْ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (96)

ثم أخبر تعالى أن ما عنده من نعيم الجنة ومواهب الآخرة ، خير لمن اتقى وعلم واهتدى ، ثم بين الفرق بين حال الدنيا وحال الآخرة ، بأن هذه تنفد وتنقضي عن الإنسان ، أو ينقضي عنها ، و بأن الآخرة باقية دائمة ، وقرأ ابن كثير وعاصم : «ولنجزين » ، بنون ، وقرأ الباقون : «وليجزين » ، بالياء ، ولم يختلفوا في قوله : { ولنجزينهم } ، أنه بالنون ، كذا قال أبو علي ، وقال أبو حاتم : إن نافعاً روي عنه : «وليجزينهم » ، بالياء ، و { صبروا } ، معناه : عن الشهوات ، وعلى مكاره الطاعة ، وهذه إشارة إلى الصبر عن شهوة كسب المال بالوجوه المذكورة ، وقوله : { بأحسن } ، أي : بقدر أحسن ما كانوا يعملون .