معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّمَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡثَٰنٗا وَتَخۡلُقُونَ إِفۡكًاۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَا يَمۡلِكُونَ لَكُمۡ رِزۡقٗا فَٱبۡتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرِّزۡقَ وَٱعۡبُدُوهُ وَٱشۡكُرُواْ لَهُۥٓۖ إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (17)

قوله تعالى : { إنما تعبدون من دون الله أوثاناً } أصناماً ، { وتخلقون إفكاً } تقولون كذباً ، قال مقاتل : تصنعون أصناماً بأيديكم فتسمونها آلهة ، { إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقاً }لا يقدرون أن يرزقوكم ، { فابتغوا } فاطلبوا . { عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون* }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّمَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡثَٰنٗا وَتَخۡلُقُونَ إِفۡكًاۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَا يَمۡلِكُونَ لَكُمۡ رِزۡقٗا فَٱبۡتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرِّزۡقَ وَٱعۡبُدُوهُ وَٱشۡكُرُواْ لَهُۥٓۖ إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (17)

ثم بعد ذلك نفرهم من فساد ما هم عليه من باطل ، فقال كما حكى القرآن عنه : { إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله أَوْثَاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً . . . } .

والأوثان : جمع وثن . وتطلق الأوثان على التماثيل والأصنام التى كانوا يصنعونها بأديهم من الحجارة أو ما يشبهها ، ثم يعبدونها من دون الله - تعالى - .

وقوله : { وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً } أى : وتكذبون كذاب واضحا ، حيث سميتم هذه الأوثان آلهة ، مع أنها لا تضر ولا تفنع ، ولا تغنى عنكم ولا عن نفسها شيئا .

أو يكون قوله { وَتَخْلُقُونَ } بمعنى وتصنعون وتنحتون . أى : وتصنعون بأديكم هذه الأوثان صنعا ، من أجل الإِفك والكذب والانصراف عن كل ما هو حق إلى كل ما هو باطل .

ثم بين لهم تفاهة هذه الأوثان فقال : { إِنَّ الذين تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله } من أوثان وأصنام { لاَ يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً } أى : لا يملكون لكم شيئا من الرزق حتى ولو كان غاية فى القلة .

وما دام الأمر كذلك : { فابتغوا عِندَ الله } - تعالى - وحده { الرزق } الذى يكفيكم ويغنيكم { واعبدوه } وحده - سبحانه - { واشكروا لَهُ } نعماءه ومننه وعطاياه .

فأنتم وجميع الخلق { إِلَيْهِ } وحده { تُرْجَعُونَ } لا إلى غيره ، فيجازيكم على أعمالكم وهكذا نرى إبراهيم - عليه السلام - قد سلك فى دعوته قومه إلى الحق أبلغ الأساليب وأحكمها ، حيث أمرهم بعبادة الله وتقواه ، وبين لهم منافع ذلك ، وحرضهم على سلوك طريق العلم لا طريق الجهل ، ونفرهم من عبادة الأوثان ، حيث بين لهم تفاهتها وحقارتها وعجزها ، وحضهم على طلب الرزق ممن يملكه وهو الله - عز وجل - الذى إليه المرجع والمآب .