فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِنَّمَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡثَٰنٗا وَتَخۡلُقُونَ إِفۡكًاۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَا يَمۡلِكُونَ لَكُمۡ رِزۡقٗا فَٱبۡتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرِّزۡقَ وَٱعۡبُدُوهُ وَٱشۡكُرُواْ لَهُۥٓۖ إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (17)

{ إنما تعبدون من دون الله أوثانا } وبين لهم أنهم يعبدون ما لا ينفع ولا يضر ولا يسمع ولا يبصر ، والأوثان هي الأصنام ، وقال أبو عبيدة : الصنم ما يتخذ من ذهب أو فضة أو نحاس ، والوثن ما يتخذ من جص أو حجارة ، وقال الجوهري : الوثن الصنم والجمع أوثان .

{ وتخلقون إفكا } أي وتكذبون كذبا على أن معنى تخلقون تكذبون قال الحسن : معنى تخلقون تنحتون ، أي إنما تعبدون أوثانا وأنتم تصنعونها وهذا على قراءة الجمهور بفتح الفوقية وسكون الخاء وضم اللام مضارع خلق ؛ وإفكا بكسر الهمزة وسكون الفاء وقرأ علي ابن أبي طالب وزيد بن علي والسلمي وقتادة بفتح الخاء واللام مشددة ، والأصل تتخلقون ، وروي عن زيد بن علي أنه قرأ بضم التاء وتشديد اللام مكسورة ، وقرأ ابن الزبير ، وفضيل بن ورقان : أفكا بفتح الهمزة وكسر الفاء وهو مصدر كالكذب ، أو صفة لمصدر محذوف ، أي خلقا أفكا .

{ إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا } أي لا يقدرون على أن يرزقوكم شيئا من الرزق { فابتغوا عند الله الرزق } أي اصرفوا رغبتكم في أرزاقكم إلى الله فهو الذي عنده الرزق كله ، فاسألوه ، واطلبوه من فضله .

{ واعبدوه } أي وحدوه دون غيره { واشكروا له } على نعمائه ذكرهما بعد طلب الرزق لأن الأول أي العبادة سبب لحدوث الرزق ، والثاني أي الشكر موجب لبقائه وسبب لمزيد عليه يقال وشكرت له .

{ إليه } أي إلى محل جزائه تعالى { ترجعون } بالموت ثم بالبعث لا إلى غيره ، فاستعدوا للقائه بعبادته ، والشكر له على أنعمه ، ولما فرغ من بيان التوحيد أتى بعده بالتهديد وقال :