{ إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله أَوْثَاناً } أصناماً ، فلا تستحق العبادة لكونها أصناماً منحوتة لا شرف لها .
قوله : «وَتَخْلُقُونَ إفْكاً » العامة على فتح التاء ، وسكون الخاء ، ورفع اللام مضارع «خلق » و «إفْكاً » بكسر الهمزة وسكون الفاء ، أي وتختلقون كذباً ، أو تنحتون أصناماً ، وعلي بن أبي طالب{[41177]} ، وزيد بن علي{[41178]} والسُّلَيْميّ{[41179]} ، وقتادةُ بفتح الحاء واللام مشددة{[41180]} ، وهو مضارع «تَخَلَّقَ » والأصل : «تَتَخَلقونَ » بتاءين فحذفت إحداهما «كَتَنَزَّلَ » ونحوه ، روي عن «زيد بن علي » أيضاً تُخَلُقون بضم التاء وتشديد اللام مكسورة{[41181]} مضارع «خلّق » مضعفاً ، وقرأ ابن الزبير{[41182]} ، وفُضَيْل بن{[41183]} زَرْقَانِ إفكاً{[41184]} - بفتح الهمزة وكسرها - وهو مصدر كالكذب معنى ووزناً ، وجوز الزمخشري{[41185]} في الإفْكِ - بالكسر والسكون - وجهين :
أحدهما : أن يكون مخففاً من الأََفِِك بالفتح والكسر كالكَذِب واللَّعِب ، وأصلها : ( الكِذْب{[41186]} واللّعْب ) وأن يكون صفة على «فِعْلٍ » أي خلقاً إفْكاً أي «ذَا إفْكٍ » .
قال شهاب الدين : وتقديره{[41187]} مضافاً قبل «إفك » مع جعله له صفة غيرُ مُحْتَاجٍ إليه ( وإنما كان{[41188]} يُحْتَاجُ إليه ) لو جعله مصدراً .
قوله : { إِنَّ الذين تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله لاَ يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً } لا يقدرون أن يرزقوكم ، وهذا إشارة إلى عدم المنفعة في الحال والمآل . قوله : «رزقاً » يجوز أن يكون منصوباً على المصدر ، وناصبه «لا يملكون » ؛ لأنه في معناه ، وعلى أصول الكوفيين يجوز أن يكون الأصل : لا يملكون أن يَرْزُقُوكُمْ رزقاً ، فإن «يرزقوكم » هو مفعول «يملكون » ، ويجوز أن يكون بمعنى «المرزوق »{[41189]} فينتصب مفعولاً به ، «فابْتَغُوا » فاطلبوا «عند الله الرزق » ( و ) هذا إشارة إلى استحقاق عبوديته{[41190]} لذاته .
فإن قيل : قال : { لا يملكون لكم رزقاً } نكّر الرزق وقال : { فابتغوا عند الله الرِّزْقَ } فعرفه ، فما الفائدة ؟ قال الزمخشري نكره في معرض النفي أي لا رزق عندهم أصلاً ، وعرفه عند الإثبات عند الله تعالى أي كل الرزق عنده فاطلبوه منه{[41191]} . وفيه وجه آخر{[41192]} وهو أن الرزق من الله معروف بقوله : { وَمَا مِن دابَّة فِي الأرض إِلاَّ عَلَى الله رِزْقُهَا }{[41193]} والرزق من الأوثان غير معلوم ، فقال : { لاَ يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً } لعدم حصول العلم به ، وقال : { فابتغوا عِندَ الله الرزق } أي الموعود به ، ثم قال : { واعبدوه واشكروا لَهُ } اعبدوه لكونه مستحقاً للعبادة لذاته ، فاشكروا له لكونه سائق النعم إلى الخلق «وإليه ترجعون » أي اعبدوه ، لكونه مرجعاً منه يتوقع الخير لا من غيره .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.