فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِنَّمَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡثَٰنٗا وَتَخۡلُقُونَ إِفۡكًاۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَا يَمۡلِكُونَ لَكُمۡ رِزۡقٗا فَٱبۡتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرِّزۡقَ وَٱعۡبُدُوهُ وَٱشۡكُرُواْ لَهُۥٓۖ إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (17)

{ إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله أوثانا } بيّن لهم إبراهيم أنهم يعبدون ما لا ينفع ولا يضرّ ولا يسمع ولا يبصر ، والأوثان هي : الأصنام . وقال أبو عبيدة : الصنم ما يتخذ من ذهب أو فضة أو نحاس ، والوثن ما يتخذ من جصّ أو حجارة . وقال الجوهري : الوثن الصنم والجمع أوثان { وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً } أي وتكذبون كذباً على أن معنى { تخلقون } تكذبون ، ويجوز أن يكون معناه : تعملون وتنحتون ، أي تعملونها ، وتنحتونها للإفك . قال الحسن : معنى تخلقون تنحتون : أي إنما تعبدون أوثاناً ، وأنتم تصنعونها . قرأ الجمهور { تخلقون } بفتح الفوقية وسكون الخاء وضم اللام مضارع خلق و{ إفكا }ً بكسر الهمزة وسكون الفاء . وقرأ عليّ بن أبي طالب وزيد بن عليّ والسلمي وقتادة بفتح الخاء واللام مشدّدة ، والأصل تتخلقون . وروي عن زيد بن عليّ أنه قرأ بضم التاء وتشديد اللام مكسورة . وقرأ ابن الزبير وفضيل بن ورقان : " أَفكا " بفتح الهمزة وكسر الفاء وهو مصدر كالكذب ، أو صفة لمصدر محذوف ، أي خلقا أفكا { إِنَّ الذين تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله لاَ يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً } أي لا يقدرون على أن يرزقوكم شيئاً من الرزق { فابتغوا عِندَ الله الرزق } أي اصرفوا رغبتكم في أرزاقكم إلى الله فهو الذي عنده الرزق كله ، فاسألوه من فضله ووحدوه دون غيره { واشكروا لَهُ } أي على نعمائه ، فإن الشكر موجب لبقائها وسبب للمزيد عليها ، يقال : شكرته وشكرت له { إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } بالموت ثم بالبعث لا إلى غيره .

/خ27