{ ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات } أي هم أموات { بل أحياء } أي بل هم أحياء . { ولكن لا تشعرون } ما حالهم ، وهو تنبيه على أن حياتهم ليست بالجسد ولا من جنس ما يحس به من الحيوانات ، وأنما هي أمر لا يدرك بالعقل بل وبالوحي ، وعن الحسن { إن الشهداء أحياء عند ربهم تعرض أرزاقهم على أرواحهم فيصل إليهم الروح والفرح ، كما تعرض النار على أرواح آل فرعون غدوا وعشيا فيصل إليهم الألم والوجع ) . والآية نزلت في شهداء بدر ، وكانوا أربعة عشر ، وفيها دلالة على أن الأرواح جواهر قائمة بأنفسها مغايرة لما يحس به من البدن تبقى بعد الموت داركة ، وعليه جمهور الصحابة والتابعين ، وبه نطقت الآيات والسنن ، وعلى هذا فتخصيص الشهداء لاختصاصهم بالقرب من الله تعالى ، ومزيدة البهجة والكرامة .
وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ ( 154 )
وقوله تعالى : { ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات } الآية ، سببها أن الناس قالوا فيمن قتل ببدر وأحد مات فلان ومات فلان ، فكره الله أن تحط منزلة الشهداء إلى منزلة غيرهم ، فنزلت هذه الآية ، وأيضاً : فإن المؤمنين صعب عليهم فراق إخوانهم وقراباتهم فنزلت الآية مسلية لهم ، تعظم منزلة الشهداء ، وتخبر عن حقيقة حالهم ، فصاروا مغبوطين لا محزوناً لهم ، ويبين ذلك من حديث أم حارثة في السير( {[1429]} ) ، والفرق بين الشهيد وغيره إنما هو الرزق( {[1430]} ) ، وذلك أن الله تعالى فضلهم بدوام حالهم التي كانت في الدنيا فرزقهم .
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك أن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر تعلق من ثمر الجنة( {[1431]} ) ، وروي أنهم في قبة خضراء ، وروي أنهم في قناديل من ذهب ، إلى كثير من هذا ، ولا محالة أنها أحوال لطوائف( {[1432]} ) أو للجميع في أوقات متغايرة ، وجمهور العلماء على أنهم في الجنة ، ويؤيده قول النبي صلى الله عليه وسلم لأم حارثة : إنه في الفردوس ، وقال مجاهد : هم خارج الجنة ويعلقون من شجرها ، و { أموات } رفع بإضمار الابتداء والتقدير هم أموات ، ولا يجوز إعمال القول فيه لأنه ليس بينه وبينه تناسب كما يصح في قولك قلت كلاماً وحجة .
وقوله { ولكن لا تشعرون } أي قبل أن نشعركم( {[1433]} ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.