أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ تَرَى ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى ٱللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسۡوَدَّةٌۚ أَلَيۡسَ فِي جَهَنَّمَ مَثۡوٗى لِّلۡمُتَكَبِّرِينَ} (60)

{ ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله } بأن وصفوه بما لا يجوز كاتخاذ الولد . { وجوههم مسودة } بما ينالهم من الشدة أو بما يتخيل عليها من ظلمة الجهل ، والجملة حال إذ الظاهر أن ترى من رؤية البصر واكتفى فيها بالضمير عن الواو . { أليس في جهنم مثوى } مقام . { للمتكبرين } عن الإيمان والطاعة وهو تقرير لأنهم يرون كذلك .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ تَرَى ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى ٱللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسۡوَدَّةٌۚ أَلَيۡسَ فِي جَهَنَّمَ مَثۡوٗى لِّلۡمُتَكَبِّرِينَ} (60)

ثم خاطب تعالى نبيه بخبر يراه يوم القيامة من حالة الكفار ، في ضمن هذا الخبر وعيد بين لمعاصريه .

وقوله : { ترى } هو من رؤية العين ، وكذبهم على الله : هو في أن جعلوا لله البنات والصاحبة ، وشرعوا ما لم يأذن به إلى غير ذلك .

وقوله : { وجوههم مسودة } جملة في موضع الحال{[9924]} ، وظاهر الآية : أن لون وجوههم يتغير ويسود حقيقة ، ويحتمل أن يكون في العبارة تجوز ، وعبر بالسواد عن أن يراد به وجوههم وغالب همهم وظاهر كآبتهم . والمثوى : موضع الثواء والإقامة . والمتكبر : رافع نفسه إلى فوق حقه ، وقال النبي عليه السلام : «الكبر سفه الحق وغمط الناس " أي احتقارهم{[9925]} .


[9924]:هذا على أن[ترى] من رؤية البصر كما قال ابن عطية، أما لو قلنا إنها رؤية القلب كما قدرها بعضهم فالجملة مفعول ثان.
[9925]:أخرجه الإمام أحمد في مسنده(1-399)، ولفظه كاملا، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لا يدخل النار من كان في قلبه مثقال حبة من إيمان، ولا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من كبر)، فقال رجل: يا رسول الله، إني ليعجبني أن يكون ثوبي غسيلا، ورأسي دهينا، وشراك نعلي جديدا، وذكر أشياء حتى ذكر علاقة سوطه، أفمن الكبر ذاك يا رسول الله؟ قال:(لا، ذاك الجمال، إن الله جميل يحب الجمال، ولكن الكبر من سفه الحق وازدرى الناس).