الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ تَرَى ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى ٱللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسۡوَدَّةٌۚ أَلَيۡسَ فِي جَهَنَّمَ مَثۡوٗى لِّلۡمُتَكَبِّرِينَ} (60)

قوله تعالى ذكره : { ويوم القيامة ترى الذين كذبوا } – إلى قوله – { وتعالى عما يشركون }[ 57-64 ] .

أي : يوم القيامة يا محمد ترى الذين زعموا أن لله سبحانه ولدا وأن له شريكا .

{ وجوههم مسودة } يقال : مسودة ومسوادة{[59159]} ، لغتان ، وأسْوادَّ وجهه وأسْوَدَّ وأحمر وأحمار .

ثم قال : { أليس في جهنم مثوى للمتكبرين } أي : أليس في جهنم مأوَى ومسكن لمن تكبر على الله تعالى ، وامتنع من طاعته جلت عظمته .

روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يحشر المتكبرون يوم القيامة كالذر يلحقهم الصغار حتى يوتى بهم إلى سجن{[59160]} في جهنم " {[59161]} .

وقال صلى الله عليه وسلم في تفسير الكبر : " هو سفه الحق وغمط{[59162]} الناس " {[59163]} ، أي : احتقارهم .

قال عطاء بن يسار : يقال : إن في جهنم سجنا يقال له بولس يحشر{[59164]} فيه المتكبرون يوم القيامة ويأتون يوم القيامة على صور الذر .

ومن رواية ابن وهب يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( المتكبرون في الدنيا يحشرون يوم القيامة أشباه الذر في صور الناس يعلوهم كل شيء من الصغار ، ثم يساقون حتى يدخلوا سجنا يقال له بولس في نار الأنيار يسقون من عصارة أهل النار من طينة الخبال{[59165]} ، يعني : من صديد أهل النار وما يخرج منهم .


[59159]:(ح): ومسوادة.
[59160]:(ح): السجن
[59161]:أخرجه الترمذي في القيامة ج 2610 ج 9/203 وقال حديث حسن. وأخرجه أحمد في مسنده 2/35 و179، والبخاري في الأدب المفرد ح 557 كلهم عن عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده وأخرجه الحميدي في مسنده 2/272 ح 598 عن عبد الله بن عمرو. ويمكن حمل هذا الحديث على المجاز، جاء في تحفة الأحوذي 7/194: (قال التوريشتي: يحمل ذلك على المجاز دون الحقيقة، أي: أذلاء مهانين يطأهم الناس بأرجلهم. وإنما منعنا على القول بظاهره، ما أخبرنا به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم أن الأجساد تعاد على ما كانت عليه من الأجزاء، حتى إنهم يحشرون غرلا يعاد منهم ما انفصل عنهم من القلفة).
[59162]:(ع): غبن وما في (ح) يوافق ما في مسند أحمد.
[59163]:أخرجه الترمذي في كتاب البر باب 60 ج 8/164 عن ابن مسعود وقال حسن صحيح غريب، وغيره.
[59164]:(ح): يحضر.
[59165]:مر تخريجه في الحديث ما قبل الأخير.