اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ تَرَى ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى ٱللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسۡوَدَّةٌۚ أَلَيۡسَ فِي جَهَنَّمَ مَثۡوٗى لِّلۡمُتَكَبِّرِينَ} (60)

قوله : { وَيَوْمَ القيامة تَرَى الذين كَذَبُواْ عَلَى الله وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ } العامة على رفع { وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ } وهي جملة من مبتدأ وخبر ، وفي محلها وجهان :

أحدهما : النصب على الحال من الموصول لأن الرؤية بصرية ، وكذا أعربها{[47633]} الزمخشري ومنْ مذهبه أنه لا يجوز إسقاط الواو من مثلها إلا شاذاً{[47634]} تابعاً في ذلك الفراء ، فهذا رجوع منه عن ذلك{[47635]} .

والثاني : أنها في محل نصب مفعولاً ثانياً ، لأن الرؤية قلبية وهو بعيد لأن تعلق الرؤية البصرية بالأجسام وألوانها أظهر من تعلق القلبية بهما{[47636]} ، وقرئ : «وُجُوهَُمْ{[47637]} مُسْوَدَّةً » بنصبهما على أن «وجوههم » بدل بعض من «كل » ، و «مسودة » على ما تقدم من النصب على الحال أو على المفعول الثاني .

وقال أبو البقاء : ولو قرئ وجوههم بالنصب لكان على بدل الاشتمال{[47638]} ، قال شهاب الدين : قد قرئ به والحمد لله ولكن ليس كما قال : على بدل الاشتمال بل على بدل البعض ، وكأنه سبقُ لسانٍ أو طُغْيَانُ قَلَم{[47639]} . وقرأ أبيّ أُجُوهُهُمْ بقلب الواو{[47640]} همزةً وهو فصيح{[47641]} نحو : { أُقِّتَتْ } [ المرسلات : 11 ] وبابه ، وقوله : { أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ } عن الإيمان .


[47633]:في ب قرأ بها. وقد قال في الكشاف 3/406: "جملة في موضع الحال إن كان "ترى" من رؤية البصر، ومفعول ثان إن كان من رؤية القلب".
[47634]:قال في مفصله والجملة تقع حالا ولا تخلو من أن تكون اسمية أو فعلية فإن كانت اسمية فالواو إلا ما شذ من قولهم: كلمته فوه إلى في وما عسى أن يعثر عليه في الندرة المفصل 1/65 بشرح ابن يعيش وانظر أيضا البحر 7/437 والدر المصون 4/660.
[47635]:المرجعين الأخيرين السابقين.
[47636]:السابقان.
[47637]:معاني الفراء 2/424 ومعاني الزجاج 4/360 وقد اختار الزجاج الرفع.
[47638]:التبيان 1113.
[47639]:في ب تام بدل من قلم وقلم هنا هي الموافقة لما في الدر لشهاب الدين 4/660 وبدل البعض هو الذي قال به أبو حيان في البحر 7/437 والسمين في الدر في المرجع السابق.
[47640]:ذكرها ابن خالويه في المختصر 131.
[47641]:ولكنه على الجواز فإن الواو المتصدرة المضمومة من الجائز أن تقلب همزة ومن الجائز أن تبقى فنقول أجوه ووجوه.