تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ تَرَى ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى ٱللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسۡوَدَّةٌۚ أَلَيۡسَ فِي جَهَنَّمَ مَثۡوٗى لِّلۡمُتَكَبِّرِينَ} (60)

الآية 60 وقوله تعالى : { وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ } كذبهم على الله تعالى يحتمل وجوها :

أحدها : في التوحيد حين{[18035]} قالوا بالولد والشركاء .

[ والثاني ]{[18036]} : ما قال عز وجل { وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها } [ الأعراف : 28 } وكان الله تعالى لم يأمرهم بذلك ، فكذبوا على الله عز وجل أنه أمرهم بذلك /372 – أ/ .

[ والثالث ]{[18037]} : ما قالوا : { هؤلاء شفعاؤنا عند الله } [ يونس : 18 ] [ وقالوا ]{[18038]} : { وما نعبدهم إلا ليقرّبونا إلى الله زُلفى } [ الزمر : 3 ] .

[ والرابع ]{[18039]} : أن يكون كذِبهم على الله هو إنكارهم البعث وقولهم : إن الله لا يقدر على البعث والإحياء بعد الموت ، ونحو ذلك ، والله أعلم .

والمعتزلة يقولون في قوله عز وجل : { ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودّة } هم المُجبِرة ، فيجيء أن يكونوا هم أقرب في كونهم في وعيد هذه الآية من المجبرة ، لأنهم يقولون : إن الله لا يأمر أحدا بشيء إلا بعد أن أعطى جميع ما يعمل ، ويقتضى به ، حتى لا يبقى عنده شيء من ذلك .

[ يقول المعتزليّ ذلك ، ثم يسأل ]{[18040]} ربه المعونة والعصمة . فهو بالسؤال كاتم لما أعطاه ، وهو كفران النعمة ، لأنه يسأل ما قد أعطاه ربه ، أو يكون هازئا به ، لأنه يسأل على قولهم ما ذكرنا من مذهبهم ، وكل من يسأل ، يعلم أن ليس عنده ذلك ، ولا يملك ذلك ، فهو يهزأ به ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ } على رسول الله صلى الله عليه وسلم والمتكبّر ، هو الذي لا يرى لنفسه نظيرا ولا شكلا . ولذلك يوصف الله عز وجل بالكبرياء ، لأنه ، لا نظير له ، ولا شكل ، ولا يجوز لغيره ، لأن غيره ذو{[18041]} أشكال وأمثال ، ولا قوة إلا بالله .

وفي حرف ابن مسعود وحفصة رضي الله عنهما على ما فرّطت في ذكر الله .

وفي حرف ابن مسعود رضي الله عنه أيضا في قوله : بلى قد جاءته آياتنا من قبل ، فكذّب ، واستكبر ، وكان من الكافرين .

والمثوى المقام [ قال الله تعالى ]{[18042]} : { وما كنت ثاويا في أهل مدين } [ القصص : 45 ] أي{[18043]} مقيما .

وقوله عز وجل : { وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ } كأنه يقول عز وجل : لو رأيتهم{[18044]} يا محمد يوم القيامة لرحمتهم ، وأشفقت عليهم [ بما هم فيه ]{[18045]} وما نزل بهم ، والله أعلم .


[18035]:في الأصل وم: حيث.
[18036]:في الأصل وم: ويحتمل.
[18037]:في الأصل وم: أو.
[18038]:في الأصل وم: و.
[18039]:في الأصل وم: أو.
[18040]:في الأصل وم: ثم قال ذلك ثم سأل.
[18041]:في الأصل وم: ذا.
[18042]:من نسخة الحرم المكي، ساقطة من الأصل وم.
[18043]:أدرج قبلها في الأصل وم: من ذلك.
[18044]:في الأصل وم: رأيت.
[18045]:من نسخة الحرم المكي، في الأصل وم: بها هزأ به.