معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ تَرَى ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى ٱللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسۡوَدَّةٌۚ أَلَيۡسَ فِي جَهَنَّمَ مَثۡوٗى لِّلۡمُتَكَبِّرِينَ} (60)

وقوله : { وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ على اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ 60 }

ترفع { وجوههم } و { مسودّة } لأنَّ الفعل قد وقع على ( الذين ) ثم جاء بعد ( الذين ) اسم له فعل فرفعته بفعله ، وكان فيه معنى نصب . وكذلك فالفعل بكل اسم أوقعتَ عليه الظنّ والرأي وما أشبههما فارفع ما يأتي بعده من الأسماء إذا كان معها أفاعيلها بعدها ؛ كقولكَ : رأيت عبد الله أمرُه مستقيم . فإن قدمت الاستقامة نصبتها ، ورفعت الاسم ؛ فقلت : رأيت عبدَ الله مستقيما أمرُه ، ولو نصبت الثلاثة في المسألة الأولى على التكرير كان جَائزاً ، فتقول : رَأيت عبدَ الله أمرَهُ مستقيما . وقالَ عدِىّ ابن زيدٍ .

ذرِيني إن أمركِ لن يطاعَا *** وما ألفيتِني حِلْمي مُضَاعَا

فنصب الحلم والمُضاع على التكرير . ومثله :

ما للجمال مشيِها وئيدا *** . . .

فخفض الجَمال والمشي على التَّكرير . ولو قرأَ قارئ { وُجُوهَهُم مُّسْوَدَّةٌ } على هذا لكانَ صَوَاباً .