الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ تَرَى ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى ٱللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسۡوَدَّةٌۚ أَلَيۡسَ فِي جَهَنَّمَ مَثۡوٗى لِّلۡمُتَكَبِّرِينَ} (60)

قوله : { وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ } : العامَّةُ على رفعِهما ، وهي جملةٌ مِنْ مبتدأ وخبرٍ . وفي محلِّها وجهان ، أحدهما : النصبُ على الحالِ من الموصولاتِ ؛ لأنَّ الرؤيةَ بَصَرِيَّةٌ ، وكذا أَعْرَبَها الزمخشريُّ . ومِنْ مذهبِه أنه لا يجوزُ إسقاطُ الواوِ مِنْ مثلِها إلاَّ شاذَّاً ، تابعاً في ذلك الفراءَ فهذا رجوعٌ منه عن ذلك . والثاني : أنها في محلِّ نصبٍ مفعولاً ثانياً ؛ لأنَّ الرؤيةَ قلبيةٌ . وهو بعيدٌ لأن تَعَلُّقَ الرؤيةِ البصريةِ بالأجسام وألوانِها أظهرُ مِنْ تعلُّقِ القلبيةِ بهما . وقُرِئ " وجوهَهم مُسْودَّة " بنصبِهما ، على أنَّ " وجوهَهم " بدلُ بعضٍ مِنْ كل ، و " مُسْوَدَّةً " على ما تقدَّم من النصبِ على الحال أو على المفعولِ الثاني . وقال أبو البقاء : " ولو قُرِئ " وجوهَهم " بالنصب لكانَ على بدلِ الاشتمالِ " . قلت : قد قُرِئ به والحمدُ لله ، ولكنْ ليس كما قال على بدلِ الاشتمال ، بل على بدلِ البعضِ ، وكأنه سَبْقُ لسانٍ أو طغيانُ قَلَم . وقرأ أُبَيٌّ " أُجوهُهم " بقلبِ الواوِ همزةً ، وهو فصيحٌ نحو : { أُقِّتَتْ } [ المرسلات : 11 ] وبابِه .