أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي  
{بَلۡ قَالُوٓاْ أَضۡغَٰثُ أَحۡلَٰمِۭ بَلِ ٱفۡتَرَىٰهُ بَلۡ هُوَ شَاعِرٞ فَلۡيَأۡتِنَا بِـَٔايَةٖ كَمَآ أُرۡسِلَ ٱلۡأَوَّلُونَ} (5)

{ بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر } إضراب لهم عن قولهم هو سحر إلى أنه تخاليط أحلام ثم إلى أنه كلام افتراه ، ثم إلى أنه قول شاعر والظاهر أن { بل } الأولى لتمام حكاية والابتداء بأخرى أو للإضراب عن تحاورهم في شأن الرسول صلى الله عليه وسلم وما ظهر عليه من الآيات إلى تقاولهم في أمر القرآن ، والثانية والثالثة لإضرابهم عن كونه أباطيل خيلت إليه وخلطت عليه إلى كونه مفتريات اختلقها من تلقاء نفسه ، ثم إلى أنه كلام شعري يخيل إلى السامع معاني لا حقيقة لها ويرغبه فيها ، ويجوز أن يكون الكل من الله تنزيلا لأقوالهم فيه ما يناسب قول الشعراء ، وهو من كونه أحلاما لأنه مشتمل على مغيبات كثيرة طابقت الواقع والمفتري لا يكون كذلك بخلاف الأحلام ، ولأنهم جربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم نيفا وأربعين سنة وما سمعوا منه كذبا قط ، وهو أبعد من كونه سحرا لأنه يجانسه من حيث إنهما من الخوارق . { فليأتنا بآية كما أرسل الأولون } أي كما أرسل به الأولون مثل اليد البيضاء والعصا وإبراء الأكمه وإحياء الموتى ، وصحة التشبيه من حيث إن الإرسال يتضمن الإتيان بالآية .