اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{بَلۡ قَالُوٓاْ أَضۡغَٰثُ أَحۡلَٰمِۭ بَلِ ٱفۡتَرَىٰهُ بَلۡ هُوَ شَاعِرٞ فَلۡيَأۡتِنَا بِـَٔايَةٖ كَمَآ أُرۡسِلَ ٱلۡأَوَّلُونَ} (5)

قوله : { أَضْغَاثُ أًحْلاَم } خبر مبتدأ محذوف ، أي هو أضغاث{[27838]} والجملة نصب بالقول . واعلم أنه تعالى{[27839]} عاد إلى حكاية قولهم : { هَلْ هاذآ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السحر } ثم قال { بَلْ قالوا أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ افتراه بَلْ هُوَ شَاعِرٌ } فحكى عنهم هذه الأقوال{[27840]} الخمسة ، وترتيب كلامهم أن كونه بشراً مانع من كونه رسولاً لله . سلمنا أنه غير مانع ، ولكن لا نسلم أن هذا القرآن معجز ، ثم إما أن يساعد على أن فصاحة القرآن خارجة عن مقدور{[27841]} البشر ، قلنا : لم لا يجوز أن يكون ذلك سحراً ، وإن لم يساعد عليه فإن ادّعينا كونه في نهاية الركاكة ، قلنا : إنه أضغاث أحلام . وإن ادّعينا أنه متوسط بين الركاكة والفصاحة ، قلنا : إنه افتراه ، وإن ادّعينا أنه كلام فصيح ، قلنا : إنه من جنس فصاحة سائر الشعر . وعلى جميع هذه التقديرات فإنه لا يثبت كونه معجزاً{[27842]} . ولما فرغوا من تقدير{[27843]} هذه الاحتمالات قالوا : { فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَآ أُرْسِلَ الأولون } والمراد أنهم طلبوا منه حالة{[27844]} لا يتطرق إليها شيء من هذه الاحتمالات .

وقال المفسرون{[27845]} : إن المشركين اقتسموا القول فيه{[27846]} وفيما يقوله : فقال بعضهم «أضغاث أحلام » أي : أباطيلها وأهاويلها رآها في النوم .

وقال بعضهم : «بَلْ افْتَرَاهُ » أي : اختلقه . وقال بعضهم : بل محمد شاعر ، وما جاءكم به شعر «فَلْيَأْتِنَا » محمد «بِآيَةٍ » إن كان{[27847]} صادقاً { كَمَآ أُرْسِلَ الأولون } من الرسل بالآيات{[27848]} .

قوله : «كَمَا أُرْسِلَ » يجوز في هذه الكاف وجهان :

أحدهما : أن يكون في محل نعتاً ل «آية » ، أي : بآية مثل آية{[27849]} إرسال الأولين{[27850]} ( ما ) مصدرية{[27851]} .

الثاني{[27852]} : أن يكون نعتاً لمصدر محذوف ، أي إتياناً مثل إرسال الأولين .


[27838]:وقدره أبو البقاء: هذا أضغاث. التبيان 2/912.
[27839]:من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي 22/143.
[27840]:في النسختين: الأحوال. والتصويب من الفخر الرازي.
[27841]:في ب: مقدار. وهو تحريف.
[27842]:آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي 22/143.
[27843]:تقدير: سقط من ب.
[27844]:في ب: حا. وهو تحريف.
[27845]:من هنا نقله ابن عادل عن البغوي 5/475.
[27846]:فيه: سقط من ب.
[27847]:في ب: ظن. وهو تحريف.
[27848]:آخر ما نقله هنا عن البغوي 5/475.
[27849]:آية: سقط من ب.
[27850]:في ب: فأجابهم الله تعالى فـ (ما) مصدرية. انظر البحر المحيط 6/298.
[27851]:في ب: والثاني.
[27852]:انظر التبيان 2/912، البحر المحيط 6/297.