التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{وَإِذۡ يَرۡفَعُ إِبۡرَٰهِـۧمُ ٱلۡقَوَاعِدَ مِنَ ٱلۡبَيۡتِ وَإِسۡمَٰعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلۡ مِنَّآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (127)

قوله تعالى{ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم }

قال عبد الرزاق : ثنا معمر ، عن أيوب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله{ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت }قال : القواعد التي كانت قواعد البيت قبل ذلك .

( التفسير ص47 ) ، وأيوب هو السختياني . وأخرجه الطبري عن الحسن بن يحيى عن عبد الرزاق به . وذكر الحافظ ابن حجر رواية الطبري وصحح إسنادها( فتح الباري8/170 ) .

قال الشيخ الشنقيطي عند هذه الآية : ذكر في هذه الآية رفع إبراهيم وإسماعيل لقواعد البيت . وبين في سورة الحج انه أراه موضعه بقوله{ وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت }أي : عينا له محله وعرفناه به .

وأخرج البخاري بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما أن إبراهيم قال لإسماعيل : يا إسماعيل إن الله أمرني بأمر . قال : فاصنع ما أمرك ربك . قال : وتعينني ؟ قال : وأعينك . قال : فإن الله امرني أن أبني هاهنا بيتا –وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها-قال : فعند ذلك رفعا القواعد من البيت ، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني . حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له ، فقام عليه وهو يبني وإسماعيل يناوله الحجارة ، وهما يبنيان حتى يدورا حول البيت وهما يقولان{ ربنا تقبل منا إنك انت السميع العليم } .

( الصحيح 6/396-398رقم3664-الأنبياء ، ب يزفون : النسلان في المشي ) .

وهذا طرف من آخر الحديث الطويل الذي ذكر فيه قصة إسماعيل وأمه في البيت الحرام .

وأخرج الشيخان بسنديهما عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا : ألم تري ان قومك بنوا الكعبة واقتصروا عن قواعد البيت ، فقلت : يا رسول الله ألا تردها على قواعد إبراهيم قال : لولا حدثان قومك بالكفر فقال عبد الله بن عمر لئن كانت عائشة سمعت هذا منن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك استلام الركنين الذين يليان الحجر إلا ان البيت لم يتمم على قواعد إبراهيم .

( صحيح البخاري رقم 4484-التفسير- سورة البقرة ، قوله تعالى{ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل . . . } ) ، وصحيح مسلم – الحج رقم 1333 ، ب نقض الكعبة وبنائها ) . واللفظ للبخاري .

وأخرج الشيخان بسنديهما عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها : " ألم تري قومك لما بنوا الكعبة اقتصروا على قواعد إبراهيم ، فقلت : يا رسول الله الا تردها على قواعد إبراهيم ؟ قال : لولا حدثان قومك بالكفر لفعلت " .

( صحيح البخاري 3/439 رقم 1583-الحج ، ب فضل مكة وبنيانها ) ، ( وصحيح مسلم- الباب السابق رقم 400 ) . وذكر ابن كثير هذه الروايات التي في الصحيحين( التفسير 1/314 ، 313 ) .

وقد قام عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما بما أراد النبي صلى الله عليه وسلم فنقض حجارة الكعبة ثم بناها من جديد وادخل الحجر وجعل لها بابا للدخول وآخر للخروج وزاد في طول الكعبة . وقد اخرج مسلم بسنده عن عطاء قال : لما احترق البيت زمن يزيد بن معاوية ، حين غزاها اهل الشام ، فكان من امره ما كان ، تركه ابن الزبير . حتى قدم الناس الموسم . يريد ان يجرئهم او يحربهم على اهل الشام . فلما صدر الناس قال : يا أيها الناس ! أشيروا علي في الكعبة . أنقضها ثم أبني بناءها . أو أصلح ما وهي منها ؟ قال ابن عباس : فإني قد فرق لي رأي فيها . أرى أن تصلح ما وهي منها . وتدع بيتا أسلم الناس عليه . وأحجارا أسلم الناس عليها وبعث عليها النبي صلى الله عليه وسلم . فقال ابن الزبير : لو كان أحدكم احترق بيته ، ما رضي حتى يجده . فكيف بيت ربكم ؟ إني مستخير ربي ثلاثا . ثم عازم على أمري . فلما مضى الثلاث أجمع رأيه على ان ينقضها . فتحاماه الناس أن ينزل ، بأول الناس يصعد فيه ، أمر من السماء . حتى صعده رجل فألقى منه حجارة .

فلما لم يره الناس أصابه شئ تتابعوه . فنقضوه حتى بلغوا به الأرض . فجعل ابن الزبير أعمدة . فستر عليها الستور . حتى ارتفع بناؤه . وقال ابن الزبير : إني سمعت عائشة تقول : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لولا ان الناس حديث عهدهم بكفر ، وليس عندي من النفقة ما يقوي على بنائه ، لكنت أدخلت فيه من الحجر خمس أذرع ، ولجعلت لها بابا يدخل الناس منه ، وبابا يخرجون منه قال : فأنا اليوم أجد ما أنفق . ولست اخاف الناس . قال : فزاد فيه خمس أذرع من الحجر . حتى أبدى أسا نظر الناس إليه . فبنى عليه البناء . وكان طول الكعبة ثماني عشرة ذراعا . فلما زاد فيه استقصره . فزاد في طوله عشر أذرع . وجعل له بابين : أحدهما يدخل منه ، والآخر يخرج منه . فلما قتل ابن الزبير كتب الحجاج إلى عبد الملك بن مروان يخبره بذلك . ويخبره ان ابن الزبير قد وضع البناء على أس نظر إليه العدول من اهل مكة . فكتب إليه عبد الملك : إنا لسنا من تلطيخ ابن الزبير في شئ . أما ما زاد في طوله فأقره . وأما ما زاد فيه من الحجر فرده إلى بنائه . وسد الباب الذي فتحه . فنقضه وأعاده إلى بنائه .

( الصحيح رقم402-الحج ، ب نقض الكعبة وبنائها ) .