التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{رَبَّنَا وَٱجۡعَلۡنَا مُسۡلِمَيۡنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةٗ مُّسۡلِمَةٗ لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبۡ عَلَيۡنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ} (128)

قوله تعالى{ ربنا واجعلنا مسلمين لك }

قال ابن أبي حاتم : حدثنا عصام بن رواد ثنا آدم عن ورقاء عن ابن أبي نجيح قال : سمعت عكرمة مولى ابن عباس يقول : قال إبراهيم : تجعلنا مسلمين لك ؟ قال الله : نعم .

وإسناده حسن . وكأنه يعني أن الله تعالى استجاب له . وكذا الأثر الذي يليه .

قوله تعالى{ ومن ذريتنا أمة مسلمة لك }

وأخرج ابن أبي حاتم بسنده المتقدم آنفا عن عكرمة قال : قال إبراهيم{ ومن ذريتنا امة مسلمة لك } فقال الله : نعم .

وهو كما قال فقد استجاب الله تعالى فقال{ ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب }العنكبوت : 27 .

قوله تعالى{ وأرنا مناسكنا }

أخرج ابن أبي حاتم عن الحسن بن محمد بن الصباح ثنا حجاج عن ابن جريج عن عطاء{ وأرنا مناسكنا }أخرجها لنا ، علمناها .

ورجاله ثقات ، إلا الحسن صدوق فالإسناد حسن . وحجاج هو ابن محمد . وعطاء هو ابن أبي رباح .

وأخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة بلفظ : أرنا مناسكنا وحجنا .

وأخرج الثوري عن ابن جريج عن عطاء بلفظ : مذابحنا .

وإسنادهما صحيح . وأخرجه الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد بلفظه .

واخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة : قوله{ وأرنا مناسكنا }فأراهما مناسكهما : الطواف بالبيت ، والسعي بين الصفا والمروة ، والإفاضة من عرفات ، والإفاضة من جمع ، ورمي الجمار ، حتى أكمل الله الدين-أو : دينه .

وقال أيضا : حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا ابن جريج قال ، قال ابن المسيب ، قال علي بن أبي طالب : لما فرغ إبراهيم من بناء البيت قال : فعلت أي رب ، فأرنا مناسكنا-أبرزها لنا ، علمناها-فبعث الله جبريل ، فحج به .

وإسناده صحيح .

قال أبو داود الطيالسي : حدثنا حماد بن سلمة عن أبي عاصم الغنوي عن أبي الطفيل( قلت لابن عباس ) يزعم قومك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف على بعير بالبيت وأن ذلك سنة ، قال صدقوا وكذبوا ؟ قال : صدقوا طاف على بعير وليس بسنة ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يصرف الناس عنه ولا يدفع فطاف على بعير كي يسمع كلامه ولا تناله أيديهم( قلت ) يزعمون ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رمل بالبيت وان ذلك سنة ، قال : صدقوا وكذبوا ( قلت ) ما صدقوا وكذبوا ؟ قال : صدقوا قد رمل وكذبوا ليست بسنة ، إن قريشا قالت دعوا محمدا وأصحابه حتى يموتوا موت النغف فلما صالحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يجئ في العام المقبل فيقيم بمكة ثلاثة أيام فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والمشركون من قبل قعيقعان قال لأصحابه أرملوا وليس بسنة( قلت ) يزعم قومك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سعى بين الصفا والمروة وأن ذلك سنة ، قال : صدقوا إن إبراهيم صلى الله عليه وسلم قد سعى بين الصفا والمروة وأن ذلك سنة ، قال : صدقوا إن إبراهيم صلى الله عليه وسلم لما رأى المناسك عرض له شيطان عند المسعى فسابقه فسبقه إبراهيم ، ثم انطلق به جبريل عليه السلام حتى أتى به منى فقال مناخ الناس هذا ، ثم انتهى إلى جمرة العقبة فعرض له شيطان فرماه بسبع حصيات حتى ذهب ، ثم انتهى به إلى الجمرة الوسطى فعرض له شيطان فرماه بسبع حصيات حتى ذهب ، ثم اتى الجمرة القصوى فعرض له شيطان فرماه بسبع حصيات حتى ذهب ، ثم أتى به جمعا فقال هذا المشعر الحرام ، ثم أتى به عرفة فقال هذه عرفة ، قال ابن عباس : أتدري لم سميت عرفة ؟ قال لا ، قال لن جبريل قال له عرفت ، قال ابن عباس : أتدري كيف كانت التلبية ؟ قال : إن إبراهيم لما امر أن يؤذن في الناس بالحج أمرت الجبال فخفضت رؤوسها ورفعت له القرى فأذن في الناس بالحج .

( منحة المعبود 1/207 رقم 992 ) ، وأخرجه أحمد ( المسند رقم 707 ) من طريق حماد بن سلمة به . وصححه محققه احمد شاكر ، وأخرجه ابن أبي حاتم عن أبي داود به . وذكره الهيثمي ثم قال : رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجاله ثقات ( مجمع الزوائد 3/359 ) . وقال في موضع آخر رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير أبي عاصم وهو ثقة ( مجمع الزوائد 8/201 ، 200 ) . وهو كما قال فقد وثقه يحيى بن معين( انظر تهذيب التهذيب 12/143 ) . وذكره ابن كثير مختصرا وسكت عنه ( التفسير 1/320 ) . ولمعظم هذا الحديث شواهد في ( صحيح مسلم ) سردها محققو مسند أحمد ( 4/437 ح 2707 ط الموسوعة الحديثية بإشراف معالي أ . د . عبد الله التركي .

قوله تعالى{ وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم }

قال ابن أبي حاتم : حدثنا عصام بن رواد ، ثنا آدم ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح قال : سمعت عكرمة مولى ابن عباس يقول : قال الله لإبراهيم إني مبتليك بأمر فما هو ؟ قال إبراهيم : تجعلني للناس إماما . قال الله : نعم . قال إبراهيم : وتتوب علينا ؟ قال الله : نعم .

وإسناده حسن .