محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَإِذۡ يَرۡفَعُ إِبۡرَٰهِـۧمُ ٱلۡقَوَاعِدَ مِنَ ٱلۡبَيۡتِ وَإِسۡمَٰعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلۡ مِنَّآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (127)

{ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبّل منا إنك أنت السميع العليم 127 } .

{ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل } أي اذكر بناءهما البيت ورفعهما القواعد منه . وصيغة الاستقبال لحكاية الحال الماضية ، لاستحضار صورتها العجيبة . والقواعد : جمع قاعدة ، وهي الأساس والأصل لما فوقه ، وقال الزجاج : القواعد : أساطين البناء التي تعمده { ربنا تقبّل منا } على إرادة القول أي يقولان ، وترك مفعول { تقبل } ليعم الدعاء وغيره من القُرَبِ والطاعات ، التي من جملتها ما هما بصدده من البناء . كما يعرب عنه جعل الجملة الدعائية حالية { إنك أنت السميع } لدعائنا { العليم } بضمائرنا ونياتنا . وفي ( صحيح البخاري ) {[744]} عن ابن عباس في حديث مجيء إبراهيم لتفقّد إسماعيل عليهم السلام ، ثم قال : ( يا إسماعيل ! إن الله قد أمرني بأمر ، قال : فاصنع ما أمرك ربك ، قال : وتعينني ؟ قال : وأعينك . قال : فإن الله أمرني أن أبني ههنا بيتا ، وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها . قال : فعند ذلك رفعا القواعد من البيت ، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة ، وإبراهيم يبني ، حتى إذا ارتفع البناء ، جاء بهذا الحجر ، فوضعه له ، فقام عليه وهو يبني ، وإسماعيل يناوله الحجارة ، وهما يقولان : { ربنا تقبّل منا إنك أنت السميع العليم } . قال فجعلا يبنيان حتى يدورا حول البيت وهما يقولان : { ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم } ) .


[744]:انظر الحاشية رقم 2 ص 361.