التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَٰهِـۧمُ رَبِّ ٱجۡعَلۡ هَٰذَا بَلَدًا ءَامِنٗا وَٱرۡزُقۡ أَهۡلَهُۥ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ مَنۡ ءَامَنَ مِنۡهُم بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُۥ قَلِيلٗا ثُمَّ أَضۡطَرُّهُۥٓ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلنَّارِۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (126)

قوله تعالى{ وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا }

أخرج الشيخان بسنديهما عن عمرو بن سعيد مرفوعا إن مكة حرمها الله ، ولم يحرمها الناس ، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما ، ولا يعضد بها شجرة ، فإن أحد ترخص لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها فقولوا إن الله قد أذن لي فيها ساعة من نهار ، ثم عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس وليبلغ الشاهد الغائب . . .

( صحيح البخاري رقم104-العلم ، ليبلغ الشاهد الغائب ) ، ( وصحيح مسلم رقم 1354- الحج ، ب تحريم مكة وصيدها ) .

وأخرج مسلم بسنده عن رافع بن خدي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن إبراهيم حرم مكة وإني أحرم ما بين لابتيها " -يريد المدينة- .

( صحيح مسلم رقم1 361-الحج ، ب فضل المدينة ) .

قوله تعالى{ وارزق أهله من الثمرات }

دعا إبراهيم عليه الصلاة والسلام بهذا الدعاء لأنه كان بواد غير ذي زرع وقد حكى الله تعالى عنه أنه قال{ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم . . . }الآية . سورة إبراهيم : 37 . وقد استجاب الله سبحانه وتعالى لإبراهيم فصار يجبى إليه كل شئ كما قال تعالى{ أو لم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شئ }سورة القصص : 57 .

قوله تعالى{ من آمن منهم بالله واليوم الآخر }

أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله{ من آمن منهم بالله واليوم الآخر }يعني من وحد الله وآمن باليوم الآخر .

قوله تعالى{ ومن كفر فأمتعه قليلا }

أخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي بن كعب رضي الله عنه{ ومن كفر }إن هذا من قول الرب قال : ومن كفر فأمتعه قليلا .

قال ابن كثير : عند هذه الآية وهذا كقوله تعالى{ إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع قليل ولهم عذاب أليم } .

والآية في سورة النحل 117 ، 116 .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا عصام بن رواد ، ثنا آدم ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح قال : سمعت عكرمة قال : قال الله{ ومن كفر }-أيضا-فإني أرزقه من الدنيا حين استرزق إبراهيم لمن آمن .

قال ابن أبي نجيح : سمعت هذا من عكرمة ، ثم عرضته على مجاهد فلم ينكره .

ورجاله ثقات إلا عصام بن رواد صدوق فالإسناد حسن .

قوله تعالى{ ثم اضطره إلى عذاب النار وبئس المصير }

قال ابن أبي حاتم : حدثنا الحجاج بن حمزة ، ثنا شبابة ، ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح قوله{ ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير }قال : ثم مصير الكافر إلى النار .

قال ابن أبي نجيح سمعته من عكرمة ، فعرضته على مجاهد فلم ينكره .

وإسناده حسن .

وأخرج الشيخان بسنديهما عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه مرفوعا : " إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته " .

( صحيح البخاري رقم 4686-التفسير- سورة هود ، ب قوله{ وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة } ) ، ( وصحيح مسلم 2583-البر والصلة ، ب تحريم الظلم ) .