قوله تعالى : { وَإِذْ يَرْفَعُ } : " إذ " عطفٌ على " إذ " قبلها فالكلامُ فيهما واحِدٌ ، و " يرفعُ " في معنى رفَعَ ماضياً ، لأنَّها من الأدواتِ المخلِّصةِ المضارعَ للمُضِيّ . وقال الزمخشري : " هي حكايةُ حالٍ ماضية " قال الشيخ : " وفيه نظرٌ " . والقواعدُ : جمع قاعدة وهي الأساس والأصل لِما فوقُ ، وهي صفةٌ غالبة ومعناها الثابتة ، ومنه " قَعَّدك الله " أي : أسأل الله تَثْبيتك ، ومعنى رَفْعِها البناءُ عليها ، لأنه إذا بُني عليها نُقِلَتْ من هيئة الانخفاض إلى الارتفاع . وأمّا القواعدُ من النساء فمفردُها " قاعِد " من غير تاءٍ لأنَّ المذكر لاحظَّ له فيها إذ هي من : قَعَدَتْ عن الزوج . ولم يقل " قواعد البيت " بالإِضافة لِما في البيان بعد الإِبهام من تفخيمِ شَأْنِ المبيَّن .
قوله : { مِنَ الْبَيْتِ } فيه وجهان ، أحدُهما : أنَّه متعلِّقٌ ب " يرفع " ومعناها ابتداءُ الغايةِ . والثاني : أنَّها في محلِّ نصبٍ على الحالِ من " القواعدِ " فيتعلَّقُ بمحذوفٍ تقديرُه : كائنةً من البيت ، ويكون معنى " مِنْ " التبعيضَ .
قوله : { وَإِسْمَاعِيلُ } فيه قولان ، أحدُهما - وهو الظاهرُ - أنَّه عطفٌ على " إبراهيم " فيكونُ فاعلاً مشاركاً له في الرفعِ ، ويكونُ قولُه : { رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّآ } في محلِّ نَصْب بإضمار القولِ ، ذلك القولُ في محلِّ نصبٍ على الحالِ منهما أي : يَرْفَعان يقولان : ربَّنَا تقبَّلْ ، ويؤيِّد هذا قراءةُ عبد الله بإظهار فعلِ القولِ ، قرأ : " يقولان ربَّنا تقبَّلْ ، ويؤيِّد هذا قراءةُ عبد الله بإظهار فعلِ القولِ ، قرأ : " يقولان ربَّنا تقبَّلْ " أي : قائِلين ذلك ، ويجوز ألاَّ يكونَ هذا القولُ حالاً بل هو جملةٌ معطوفةٌ على ما قبلها ، ويكونُ هو العاملَ في " إذ " قبله ، والتقديرُ : يقولان ربَّنا تقبَّلْ إذ يرفعان أي : وقتَ رَفْعِهما .
والثاني : الواوُ واو الحالِ ، و " إسماعيلُ " مبتدأٌ وخبرهُ قولٌ محذوفٌ هو العاملُ في قولِه : " ربَّنا تَقبَّلْ " فيكونُ " إبراهيم " هو الرافعَ ، و " إسماعيلُ " هو الداعيَ فقط ، قالوا : لأنَّ إسماعيلَ كان حينئذٍ طفلاً صغيراً ، وَرَوْوه عن علي عليه السلام . والتقديرُ : وإذ يرفع إبراهيمُ حالَ كونِ إسماعيل يقول : ربَّنا تقبَّلْ منا . وفي المجيء بلفظِ الربِّ تنبيهٌ بذِكْرِ هذه الصفةِ على التربية والإصلاح . وتقبَّلْ بمعنى اقبْلَ ، فتفعَّلْ هنا بمعنى المجرَّد . وتقدَّم الكلام على نحوِ { إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ } من كون " أنت " يجوزُ فيه التأكيدُ والابتداءُ والفصلُ ، وتقدَّمت صفةُ السمع وإن كان سؤالُ التقبُّلِ متأخراً عن العمل للمجاوَرَةِ ، كقولِه : { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ } [ آل عمران : 106 ] وتأخَّرت صفةُ العِلْمِ لأنَّها فاصلةٌ ، ولأنَّها تَشْمَل المسموعاتِ وغيرَها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.