قوله : ( وَإِذْ يَرْفَعُ إبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ ) [ 126 ] .
قال عطاء : هي قواعد آدم صلى الله عليه وسلم كانت قد اندرست وخفي أثرها فبوأها الله [ إبراهيم . قال عطاء : قال آدم ]( {[4012]} ) حين أهبط : ربي إني لأسمع( {[4013]} ) أصوات الملائكة . قال : بخطيئتك ، ولكن اهبط إلى الأرض فابْنِ لِي بيتاً ، ثم احفُف به كما رأيت الملائكة تحف بيتي الذي في السماء . فبناه من خمسة أجبل( {[4014]} ) ، من حراء ، وطور سيناء ، وطور زيتا ، والجودي ، وأبي قبيس " ( {[4015]} ) .
وروي عن عبد الله بن عمرو أنه قال : " أهبط الله مع آدم صلى الله عليه وسلم من السماء إلى الأرض بيتاً يطاف به كما يطاف بعرضه في السماء . ثم رفعه أيام الطوفان ، فرفع إبراهيم صلى الله عليه وسلم قواعد ذلك البيت . فكانت الأنبياء عليهم السلام يحجونه ولا يعلمونه حتى بوأه( {[4016]} ) الله إبراهيم فأعلمه مكانه " ( {[4017]} ) .
وقال عطاء : لمَّا أهبط الله آدم من الجنة إلى الأرض ، وأهبط طوله أي : نقص ، شكا أنه استوحش لِفَقْدِ أصوات الملائكة ، فَوُجه إلى مكة/ فكان موضع قدمه قَرْية ، وما بين/ القدمين مفازة ، فأنز الله عز وجل عليه ياقوتة من ياقوت( {[4018]} ) الجنة فكانت في موضع البيت . فلم يزل يطوف به حتى أنزل الطوفان ، فرفعت إلى أن بعث الله إبراهيم صلى الله عليه وسلم فبناه( {[4019]} ) " ( {[4020]} ) .
/وقال مجاهد : " لما أراد الله خلق الأرض علا الماءَ زبدةٌ حمراء أو بيضاء كهيئة القبة ، ثم دحا الأرض من تحتها ، وبقيت تلك الزبدة ربوة حتى بوأها الله إبراهيم صلى الله عليه وسلم فبناه على أساسه ، وأساسه( {[4021]} ) على أركان أربعة في الأرض السابعة " ( {[4022]} ) .
وقال ابن عباس : " وضع البيت على أركان الماء ؛ أربعة أركان( {[4023]} ) قبل أن تخلق( {[4024]} ) الدنيا بألفي عام ، ثم دحيت الأرض من تحت البيت " ( {[4025]} ) .
وفي حرف ابن مسعود : " وإسماعيل يَقُولاَنِ : رَبَّنَا( {[4026]} ) " فدل على أنهما جميعا دَعَوا . وقيل : القائل هو إسماعيل صلى الله عليه وسلم وحده( {[4027]} ) . والمعنى إذ( {[4028]} ) يقول إسماعيل " ربنا " ( {[4029]} ) .
قال( {[4030]} ) ابن عباس ، " كان إبراهيم يبني ، وإسماعيل ينقل الحجارة( {[4031]} ) ، فلما انتهى إلى موضع الحجر قال لإسماعيل : جئني بحجر حسن( {[4032]} ) يكون عَلَماً للناس . فذهب إسماعيل فأتى( {[4033]} ) بحجر فقال له : جئني بأحسن من هذا . فمضى إسماعيل صلى الله عليه وسلم يطلب فنادى أبو قبيس : " يا إبراهيم ، يا خليل الرحمن ، إن لك عندي وديعة فَخُذها ، فإذا هو بحجر أبيض من ياقوت( {[4034]} ) الجنة كان قد نزل به آدم عليه السلام من الجنة " .
وروي أن أبا قبيس جبل هاجر من خراسان إلى مكة . وقال النبي [ عليه السلام ]( {[4035]} ) " الحَجَرَ يَاقُوتَةٌِنْ يَاقُوتِ( {[4036]} ) الجَنَّةِ [ بَيْضَاءٌ ، وَلَولاَ مَا لاَمَسَهُ ]( {[4037]} ) مِنْ أَنْجَاسِ المُشْرِكِينَ وَأَرْجَاسِهِمْ مَا مَسَّهُ ذُو عَاهَةٍ إلاَّ شَفَاهُ اللهُ عز وجل " ( {[4038]} ) .
وقال عليه السلام : " الحَجَرُ( {[4039]} ) يَمِينُ الله يُصَافِحُ بِهِ عِبَادَهُ وَلَيَأْتِيَنِ يَوْمَ القِيَامَةِ وَالمَقَامُ ، وَلَهُمَا لِسَانَانِ وَشَفَتَانِ يَشْهَدَانِ لَمِنْ وَافَاهُمَا بِالوَفَاءِ( {[4040]} ) " ( {[4041]} ) .
وذكر السدي أن إبراهيم وإسماعيل صلى الله عليهما( {[4042]} ) وسلم لما أرادا( {[4043]} ) البناء لم يدريا أين البيت . فبعث الله عز وجل ريحاً يقال لها الخجوج( {[4044]} ) لها جناحان ورأس في صورة حية ، فكنست لهما ما حول الكعبة عن( {[4045]} ) أساس البيت الأول ، فوضعا المعاول يحفران حتى وضعا( {[4046]} ) الأساس فذلك قوله : ( وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ البَيْتِ )( {[4047]} ) ، فلما بلغا في البناء إلى الركن قال إبراهيم لإسماعيل( {[4048]} ) : اطلب لي( {[4049]} ) حجراً حسناً أضعه هنا . قال : يا أبت . إني كسلان تعب . قال( {[4050]} ) : على ذلك . فانطلق يطلب [ حجراً فجاءه بحجر فلم يرضه ، فقال ائتني بحجر أحسن من هذا ، فانطلق [ يطلب حجراً ]( {[4051]} ) وجاء جبريل [ عليه السلام ]( {[4052]} ) بالحجر الأسود/ وكان ياقوتة بيضاء مثل الثغامة( {[4053]} ) وكان آدم صلى الله عليه وسلم هبط من الجنة فاسودّ من خطايا الناس ، فجاءه إسماعيل صلى الله عليه وسلم بحجر فوجده( {[4054]} ) عند الركن ، فقال : يا أبت من جاءك بهذا ؟ فقال : جاء به من هو أنشط منك فبنياه " ( {[4055]} ) .
وقال( {[4056]} ) عبيد بن عمير الليثي( {[4057]} ) : أتى إبراهيم ، وإسماعيل عليهما السلام/ يَبْرَى( {[4058]} ) نبلاً قريباً من زمزم ، فلما رآه [ قام إليه ]( {[4059]} ) ، فصنعا كما يصنع الوالد بالولد ، والولد بالوالد ، ثم قال : يا إسماعيل إن الله [ جل وعز ]( {[4060]} ) أمرني بأمر . قال : فاصنع ما أمرك ربك . قال : وتعينني ؟ قال : وأعينك . قال : فإن الله أمرني أن أبني/ هاهنا بيتاً –وأشار إلى الكعبة مرتفعة على ما حولها- قال : فعند ذلك رفعا( {[4061]} ) القواعد من البيت ، فكان إسماعيل صلى الله على محمد [ و ]( {[4062]} ) عليه وسلم يأتي بالحجارة وإبراهيم صلى الله عليه وسلم يبني ؛ حتى ارتفع البناء ، فجاء( {[4063]} ) بهذا( {[4064]} ) الحجر يعني المقام ، فقال [ عليه إبراهيم ]( {[4065]} ) يبني ، وهما يقولان : ( رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ )( {[4066]} ) . [ 126 ] .
فمعنى الآية : أنها خبر من الله عز وجل عن إبراهيم وإسماعيل صلى الله على محمد و[ عليهما وسلم ]( {[4067]} ) وما كانا( {[4068]} ) يفعلان في بناء البيت ، وما كانا( {[4069]} ) يقولان وهما يبنيان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.