نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{الٓمٓ} (1)

مقدمة السورة:

سورة لقمان عليه الصلاة والسلام{[1]}

مقصودها إثبات الحكمة للكتاب اللازم منه حكمة منزله سبحانه في أقواله وأفعاله ، وقصة لقمان المسمى به{[2]} السورة دليل واضح على ذلك كأنه{[3]} سبحانه لما أكمل ما أراد من أول القرآن إلى آخر براءة التي هي سورة غزو الروم ، وكان سبحانه قد ابتدأ القرآن [ بعد أم القرآن {[4]} ] بنفي الريب عن هذا الكتاب ، وأنه هدى للمتقين ، واستدل على ذلك فيما تبعها من السور ، ثم ابتدأ سورة{[5]} يونس بعد سورة غزو{[6]} الروم بإثبات حكمته ، وأتبع ذلك دليله إلى ختم سورة الروم ، ابتدأ دورا جديدا على وجه أضخم من الأول ، فوصفه في أول هذه التالية للروم بما وصفه به في يونس التالية لغزو الروم ، وذلك الوصف هو الحكمة وزاد أنه هدى وهداية للمحسنين ، فهؤلاء أصحاب النهايات ، والمتقون أصحاب البدايات .

ولما أثبت في آل عمران أنه أنزل بالحق ، أثبتت في السجدة تنزيله ونفي الريب عن أنه من عنده ، وأثبت أنه الحق ، واستمر فيما بعد هذا من السور مناظراً في الأغلب لما مضى كما يعرف ذلك بالإمعان في التذكر والتأمل والتدبر : { بسم الله } الذي وسع كل شيء رحمة وعلماً { الرحمن } الذي بث{[7]} بعموم حكمته{[8]} شامل نعمته في سائر بريته { الرحيم * } الذي أنار لخاصته طريق جنته ، فداموا {[9]}وهاموا{[10]} في محبته .

لما ختمت الروم بالحث على العلم ، وهو ما تضمنه هذا الكتاب العظيم ، والأمر بالصبر والتمسك بما فيه من وعد ، والنهي{[53589]} عن الإطماع لأهل الاستخفاف في المقاربة لهم في شيء من الأوصاف ، وكان ذلك هو الحكمة ، قال أول هذه : { آلم } مشيراً بها إلى أن الله الملك الأعلى القيوم أرسل - لأنه الظاهر مع أنه الباطن - جبرائيل عليه السلام إلى محمد عليه الصلاة والسلام بوحي ناطق من الحكم والأحكام بما لم ينطق به من قبله إمام ، ولا يلحقه في ذلك شيء مدى الأيام ، فهو المبدأ وهو الختام ، وإلى ذلك أو ما تعبيره بأداة البعد {[53590]}في قوله{[53591]} :


[1]:- هكذا ثبتت العبارة في النسخة المخزونة بالرباط – المراقش التي جعلناها أصلا وأساسا للمتن، وكذا في نسخة مكتبة المدينة ورمزها "مد" وموضعها في نسخة دار الكتب المصرية ورمزها "م": رب زدني علما يا فتاح.
[2]:- في م ومد: قال أفقر الخلائق إلى عفو الخالق؛ وفي الأصل: أبو إسحاق – مكان: أبو الحسن، والتصحيح من الأعلام للزركلي ج1 ص 50 وعكس المخطوطة أمام ص 56 وهامش الأنساب للسمعاني ج2 ص280.
[3]:- ضبطه في الأعلام بضم الراء وتخفيف الباء.
[4]:- ضبطه الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني رحمه الله في تعليقه على الأنساب ج2 ص280 وقال: البقاعي يكسر الموحدة وفتح القاف مخففة وبعد الألف عين مهملة بلد معروف بالشام ينسب إليه جماعة أشهرهم الإمام المفسر إبراهيم بن عمر بن حسن الرباط بن علي بن أبي بكر البقاعي أبو الحسن برهان الدين من أجلة أهل القرن التاسع له عدة مؤلفات ولد سنة 809 وتوفي سنة 885 – اهـ.
[5]:- في م ومد: لطف الله بهم أجمعين، إلا أن لفظ "اجمعين" ليس في مد. والعبارة من "وآله" إلى هنا ليست في نسخة المكتبة الظاهرية ورمزها "ظ".
[6]:- في م ومد: لطف الله بهم أجمعين، إلا أن لفظ "اجمعين" ليس في مد. والعبارة من "وآله" إلى هنا ليست في نسخة المكتبة الظاهرية ورمزها "ظ".
[7]:- في م ومد وظ: برسالته.
[8]:- ليس في م ومد وظ.
[9]:- سورة 38 آية 29.
[10]:- في م وظ: اخرجه.
[53589]:من ظ ومد، وفي الأصل وم: نهى.
[53590]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: فقال.
[53591]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: فقال.