نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{أَلَا يَظُنُّ أُوْلَـٰٓئِكَ أَنَّهُم مَّبۡعُوثُونَ} (4)

ولما ذكر سبحانه وتعالى أنهم أدمنوا على هذه الرذائل حتى صارت لهم خلقاً مرنوا عليه وأنسوا به وسكنوا إليه ، وكان ذلك لا يكون إلا ممن أمن العقاب وأنكر الحساب ، أنتج ذلك الإنكار عليهم على أبلغ الوجوه لإفهامه أن حالهم أهل لأن يتعجب منه ويستفهم عنه وأن المستفهم عن حصوله عندهم الظن ، وأما اليقين فلا يتخيل فيهم لبعد أحوالهم الجافية وأفهامه الجامدة عنه فقال تعالى : { ألا يظن أولئك } أي الأخساء البعداء الأرجاس{[72145]} الأراذل يتجدد لهم وقتاً{[72146]} من الأوقات ظن أن لم يتيقنوا بما مضى من البراهين التي أفادت أعلى رتب اليقين ، فإنهم لو ظنوا ذلك ظناً نهاهم إن كان لهم نظر لأنفسهم عن أمثال هذه القبائح ، ومن لم تفده تلك الدلائل القاطعة ظناً يحتاط به لنفسه فلا حس له أصلاً { أنهم } وعبر باسم المفعول فقال : { مبعوثون * } إشارة إلى القهر على أهون وجه بالبعث الذي قد ألفوا مثله من القهر باليقظة بعد القهر بالنوم


[72145]:من ظ و م، وفي الأصل: الأرجا.
[72146]:من ظ و م، وفي الأصل: وقت.