نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{يَـٰٓأَيَّتُهَا ٱلنَّفۡسُ ٱلۡمُطۡمَئِنَّةُ} (27)

ولما علم أن هذا الجزاء المذكور لا يكون إلا للهلوع الجزوع المضطرب النفس الطائش في حال السراء والضراء ، الذي لا يكرم اليتيم ولا المسكين ويحب الدنيا ، وكان من المعلوم أن من الناس من ليس هو كذلك ، تشوفت النفس إلى جزائه فشفى عيّ هذا التشوف بقوله ، إعلاماً بأنه يقال لنفوسهم عند النفخ في الصور وبعثرة ما في القبور للبعث والنشور : { يا أيتها النفس المطمئنة * } أي التي هي في غاية السكون لا خوف عليها ولا حزن ولا نقص ولا غبون ، لأنها كانت في الدنيا في غاية الثبات على كل ما أخبر به عن الدار الآخرة وغيرها من وعد ووعيد وتحذير وتهديد ، فهم راجون لوعده خائفون من وعيده ، وإذا كانت هذه حال النفس التي شأنها الميل إلى الدنيا فما ظنك بالروح التي هي خير صرف