اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{يَـٰٓأَيَّتُهَا ٱلنَّفۡسُ ٱلۡمُطۡمَئِنَّةُ} (27)

قوله : { يا أيتها النفس المطمئنة } .

قرأ العامة : «يا أيَّتُها النَّفسُ » بتاء التأنيث .

وقرأ زيد{[60179]} بن علي : «يا أيُّهَا » ، كنداء المذكر ، ولم يجوز ذلك أحد ، إلا صاحب البديع ، وهذه شاهدة له ، وله وجه : وهو أنها كما لم تطابق صفتها تثنية وجمعاً ، جاز ألاَّ يطابقها تأنيثاً ، تقول : يا أيها الرجلان ، يا أيها الرجل .

فصل في الكلام على الآية

لما وصف حال من اطمأن إلى الدُّنيا ، وصف حال من اطمأنَّ إلى معرفته وعبوديته ، وسلم أمره إلى الله - تعالى - .

وقيل : هذا كلام الباري تعالى ، إكراماً له كما كلَّم موسى عليه السلام .

وقيل : هو من قول الملائكة لأولياء الله تعالى .

قال مجاهد وغيره : «المُطْمئنَّة » : الساكنة الموقنة ، أيقنت أن الله تعالى ربها ، فأجيبت لذلك{[60180]} .

وقال ابنُ عبَّاسٍ : المطمئنة بثواب الله{[60181]} ، وعن الحسن - رضي الله عنه - : المؤمنة الموقنة{[60182]} .

وعن مجاهدٍ أيضاً : الراضية بقضاءِ الله{[60183]} .

وقال مقاتلٌ : الآمنة من عذاب الله{[60184]} تعالى .

وفي حرف أبي كعب{[60185]} : «يا أيتها النفس الآمنة المطمئنة » .

وقيل : التي عملت على يقين بما وعد الله تعالى ، في كتابه .

وقال ابن كيسان : المطمئنة - هنا - : المخلصة وقيل : المطمئنة بذكر الله تعالى ؛ لقوله تعالى : { الذين آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ الله } [ الرعد : 28 ] وقيل : المطمئنة بالإيمان ، المصدقة بالبعث والثواب .

وقال ابن زيدٍ : المطمئنة ، التي بشرت بالجنة ، عند الموت ، أو عند البعث ، ويوم الجمع{[60186]} .


[60179]:ينظر: البحر المحيط 8/467، والدر المصون 6/523.
[60180]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/581).
[60181]:ذكره القرطبي في "تفسيره" (20/39).
[60182]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/580).
[60183]:ذكره القرطبي في "تفسيره" (20/39).
[60184]:ينظر المصدر السابق.
[60185]:ينظر: الكشاف 4/752، والقرطبي 20/39.
[60186]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/581).