التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{ٱقۡتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ ٱطۡرَحُوهُ أَرۡضٗا يَخۡلُ لَكُمۡ وَجۡهُ أَبِيكُمۡ وَتَكُونُواْ مِنۢ بَعۡدِهِۦ قَوۡمٗا صَٰلِحِينَ} (9)

في غيابت الجب : في جوف البئر .

السيارة : كناية عن قافلة التجارة أو أصحابها .

{ لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ ( 7 ) إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ( 1 ) إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ( 8 ) اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ ( 9 ) قَالَ قَآئِلٌ مَّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ( 2 ) الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ ( 3 )إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ ( 10 ) قَالُواْ يَا أَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ( 4 ) ( 11 ) أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ( 12 ) قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُواْ بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ ( 13 ) قَالُواْ لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَّخَاسِرُونَ ( 14 ) فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُواْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَذَا ( 5 )وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ( 15 ) وَجَاؤُواْ أَبَاهُمْ عِشَاء يَبْكُونَ ( 16 ) قَالُواْ يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ( 6 ) وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا ( 7 )وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ ( 17 ) وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ( 8 ) أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ( 18 ) وَجَاءتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ( 9 ) فَأَدْلَى دَلْوَهُ( 10 ) قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلاَمٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً( 11 ) وَاللّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ( 19 ) وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ ( 12 )( 20 ) } [ 7– 20 ] .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

تعليق على الحلقة الأولى من قصة يوسف

هذه الآيات هي الحلقة الأولى من قصة يوسف ، ومعانيها واضحة . والآية الأولى قد تدل على أن الوحي القرآني بالقصة كان بسبب سؤال بعض الناس عنها . والآية الأولى تفيد أن سائلا سأل عن قصة يوسف وإخوته ، وبعض المفسرين يروون أن السؤال من يهودي والمصحف الذي اعتمدناه يذكر أن الآية المذكورة مدنية . والرواية غريبة ؛ لأن فصول القصة مكية النزول والآية مفتاح لهذه الفصول . ولم نطلع على تأييد لهذه الرواية ، ونحن نشك في الرواية ونشك في كون السؤال من يهودي ؛ لأنه يكون على سبيل التعجيز . واليهود الذين كانوا في مكة قليلون ، وقد آمنوا بالرسالة النبوية والقرآن . ونرجح أن السؤال من بعض المسلمين ، ويتبع هذا الترجيح أن يكون الناس في مكة ومنهم المسلمون كانوا يسمعون شيئا من القصة فأراد السائل المسلم أن يعرفها عن طريق النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

وفي الرواية تنبيه إلى ما في قصة يوسف من آية وعبرة لمن يريد أن يسأل ويعتبر . وقد شاءت حكمة التنزيل أن يبرر ذلك في أسلوب الآيات ، وهي تحكي القصة في هذه الحلقة والحلقات والأخرى كما هو شأن القصص القرآنية عامة .

ومما يرويه المفسرون عن أهل التأويل أن الشمس والقمر والكواكب في الآيات هي كناية عن أبوي يوسف وإخوته الأحد عشر ، وهذا سديد . وقد أشارت إليه إحدى الآيات في آخر حلقات القصة . وفي كتب التفسير بيانات كثيرة مروية عن التابعين وعلماء الأخبار في الصدر الإسلامي الأول فيها زوائد كثيرة عما جاء في هذه الحلقة وحلقات القصة الأخرى في السورة . منها ما هو المتطابق مع ما جاء عنها في سفر التكوين المتداول اليوم ، ومنها ما هو غير متطابق أو زائد عنه . وهذا يؤيد أن القصة كانت غير مجهولة في بيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم . وطبيعي أن ذلك من طريق اليهود ؛ لأن القصة كما قلنا وردت مفصلة في سفر التكوين الذي كان بين أيديهم . وليس من المستبعد أن يكون ما رواه علماء الأخبار من الزوائد كان مما يرويه اليهود أيضا عزوا إلى أسفار وقراطيس أخرى كانت في أيديهم أو روايات كانوا يتداولونها .

ولم نر ضرورة ولا طائلا في إيراد ما أوردوه أو ملخصه لا بالنسبة لهذه الحلقة ولا الحلقات التالية اكتفاء بما شاءت حكمة التنزيل أن يحتويه القرآن من خلاصات عنها مرصعة بما فيه الحكمة والموعظة والعبرة .

ولقد احتوت هذه الحلقة ما كان من الحيل التي احتال إخوة يوسف على أبيهم والمكيدة التي كادوها لأخيهم ، والتي أدت إلى تعريضه لخطر جسيم ثم إلى بيعه كعبد رقيق . وقد ذكر في الإصحاح ( 37 ) من سفر التكوين مع خلاف يسير غير جوهري . ونعتقد أن ما ورد في الآيات كان متداولا ومعروفا عن طريق اليهود وواردا في أسفار وقراطيس أخرى .

ومن شأن ما حكته آيات الحلقة من بشاعة حيلة الأبناء على أبيهم وخداعهم له وكذبهم عليه وبشاعة مؤامرتهم ومكيدتهم لأخيهم أن يثير الاشمئزاز من هذه الأفعال ، وهو من مواضع العبرة والموعظة في الحلقة .