التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{وَكَذَٰلِكَ يَجۡتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأۡوِيلِ ٱلۡأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعۡمَتَهُۥ عَلَيۡكَ وَعَلَىٰٓ ءَالِ يَعۡقُوبَ كَمَآ أَتَمَّهَا عَلَىٰٓ أَبَوَيۡكَ مِن قَبۡلُ إِبۡرَٰهِيمَ وَإِسۡحَٰقَۚ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٞ} (6)

يجتبيك : يصطفيك ويختارك ويرعاك .

{ إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ ( 4 ) قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا( 1 ) إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ( 5 ) وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ( 2 ) رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ( 6 ) }[ 4-6 ] .

تعليق على مقدمة قصة يوسف

الآيات واضحة المعنى ، وفيها خبر الرؤيا التي رآها يوسف في منامه ، وقد ذكرها لأبيه فوصاه بكتمانها عن إخوته حتى لا يدبروا له مكيدة . وأعلنه بأمله في أن الله يرعاه ويعلمه تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليه وعلى أبيه بذلك كما أتمها على أبويه إبراهيم وإسحاق من قبل .

والآيات مقدمة لقصة يوسف وإخوته ، ولقد ذكرت هذه الرؤيا في الإصحاح ( 37 ) من سفر التكوين المتداول اليوم بشيء من الخلاف حيث يذكر أن يوسف قص رؤياه على أبيه وإخوته ، وأن أباه انتهره ، +6++ وأن إخوته ازدادوا حسدا له وغيظا منه .

ونعتقد أن ما جاء في الآيات هو ما كان يتداوله اليهود ، وأنه جاء في أسفار وقراطيس أخرى كانت عندهم ، وقد كانت الآيات تتلى علنا ويسمعها اليهود ، ولم يرو عنهم إنكار ولا اعتراض .

وكلام يعقوب الذي أيده السفر بالنسبة لإخوة يوسف يدل على أن هؤلاء الإخوة كانوا يحقدون على يوسف ويحسدونه وهو ما ذكرته الآيات الآتية . ولقد كان يوسف وأخ آخر له لأم غير أم سائرهم ، وكان محظيا في نظر أبيه فكان هذا سبب ذلك الحسد والحقد .

وفي الآيات تنبيه إلى وجوب تكتم الإنسان في بعض شؤونه وبخاصة فيما يثير الحسد والحقد منها ، وإلى ما يقوم بين أبناء الضرائر من كراهية وحقد مما فيه عبرة وموعظة .

ولقد أورد المفسرون بعض الأحاديث النبوية في سياق هذه الآيات في صدد ما يراه المرء في منامه من رؤى . وقد رأينا أن نجاريهم فنورد منها حديثا رواه الشيخان وأبو داود والترمذي عن أبي قتادة جاء فيه : ( كنت أرى الرؤيا فتمرضني حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول الرؤيا الصالحة من الله تعالى ، والحلم من الشيطان ، فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث بها إلا من يحب ، وإذا رأى ما يكره فليتعوذ بالله ولا يحدث بها أحدا فإنها لن تضره ){[1186]} . وفي الحديث معالجة روحية لأمر يكثر وقوعه ويثير في النفوس هموما أو هواجس ، ويمكن أن يرد السؤال عنه في هذه المناسبة .


[1186]:التاج جـ 4 ص 272.