الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{ٱقۡتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ ٱطۡرَحُوهُ أَرۡضٗا يَخۡلُ لَكُمۡ وَجۡهُ أَبِيكُمۡ وَتَكُونُواْ مِنۢ بَعۡدِهِۦ قَوۡمٗا صَٰلِحِينَ} (9)

{ اقتلوا يُوسُفَ } من جملة ما حكى بعد قوله : إذ قالوا : كأنهم أطبقوا على ذلك إلا من قال { لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ } وقيل : الآمر بالقتل شمعون ، وقيل : دان ، والباقين كانوا راضين ، فجعلوا آمرين { أَرْضًا } أرضاً منكورة مجهولة بعيدة من العمران ، وهو معنى تنكيرها وإخلائها من الوصف ، ولإبهامها من هذا الوجه نصبت نصب الظروف المبهمة { يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ } يقبل عليكم إقبالة واحدة لا يلتفت عنكم إلى غيركم . والمراد : سلامة محبته لهم ممن يشاركهم فيها وينازعهم إياها ، فكان ذكر الوجه لتصوير معنى إقباله عليهم ؛ لأنّ الرجل إذا أقبل على الشيء أقبل بوجهه . ويجوز أن يراد بالوجه الذات ، كما قال تعالى : { ويبقى وَجْهُ رَبّكَ } [ الرحمن : 27 ] وقيل { يَخْلُ لَكُمْ } يفرغ لكم من الشغل بيوسف { مِن بَعْدِهِ } من بعد يوسف ، أي من بعد كفايته بالقتل أو التغريب ، أو يرجع الضمير إلى مصدر اقتلوا أو اطرحوا { قَوْمًا صالحين } تائبين إلى الله مما جنيتم عليه . أو يصلح ما بينكم وبين أبيكم بعذر تمهدونه . أو تصلح دنياكم وتنتظم أموركم بعده بخلوّ وجه أبيكم . و { تَكُونُواْ } إمّا مجزوم عطفاً على { يَخْلُ لَكُمْ } أو منصوب بإضمار أن والواو بمعنى مع ، كقوله : { وَتَكْتُمُواْ الحق } [ البقرة : 42 ] .