{ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ { 40 } وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ { 41 } وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ { 42 } وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ { 43 } أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ { 44 } وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ [ 1 ] إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ { 45 } الَّذِينَ يَظُنُّونَ [ 2 ] أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ { 46 } يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ { 47 } وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ [ 3 ] وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ { 48 } }
تعليق على أولى الحلقات الواردة في
يهود بني إسرائيل في العهد المدني
هذه الآيات بداية سلسلة طويلة في بني إسرائيل ومواقفهم من الدعوة الإسلامية . ولم نطلع على رواية خاصة بنزول هذه البداية ، وتوجيه الكلام فيها إلى بني إسرائيل بدعوتهم إلى الإيمان بالنبي والقرآن قد يدل على أنها أول ما نزل من قرآن مدني في اليهود كما أن وضعها بعد الآيات السابقة قد يدعم هذه الأولية . بل ويجوز أن تكون قد نزلت بعد الآيات السابقة مباشرة فوضعت بعدها . وتدل كذلك على أن اليهود وقفوا موقف الجحود من الدعوة النبوية منذ بدء العهد المدني . وقد تكون بمثابة استطراد إلى ذكر اليهود ومواقفهم من هذه الدعوة بعد وصفهم في فصل المنافقين بأنهم شياطين المنافقين ، وقد يصح أن يضاف إلى هذا أن الآيات السابقة قد احتوت بيان حالة ثلاث فئات من الناس من الدعوة الإسلامية في أوائل العهد المدني وهم المؤمنون والكفار المشركون والمنافقون فجاءت هذه الآيات لبيان حالة فئة أخرى وهي الكتابيون . ولما كان اليهود هم الفئة الأكبر عددا والأرسخ قدما والأوسع حيزا ونفوذا في المدينة فقد اقتضت حكمة التنزيل أن يدار الكلام عليهم . وكل هذا يجعل الصلة بين هذه الآيات وسابقاتها قائمة .
1- تذكيرا مكررا بأفضال الله على بني إسرائيل .
2- وإهابة لهم للوفاء بعهده حتى يوفي لهم بعهده مع اتقاء غضبه .
3- وأمرا بالإيمان برسالة النبي والقرآن مع إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والركوع مع الراكعين دون انفراد .
4- ونهيا عن أن يكونوا من أول الكافرين بها ابتغاء أعراض الدنيا التافهة وعن تشويه الحق بالباطل وكتمه مع معرفتهم به حق المعرفة .
5- وتنديدا بأسلوب السؤال الاستنكاري عما إذا كان يصح مع دعواهم العقل أن يأمروا الناس بالبر والعمل الصالح وينسون أن يفعلوا هم ذلك وهم يعرفون مدى ما في هذا من مناقضة ؛ لأنهم يقرأون الكتاب ويعلمون منه الحق والواجب .
6- ودعوة لهم إلى اتقاء غضب الله في اليوم الآخر يوم لا تجزى فيه نفس عن نفس ولا يقبل في أحد شفاعة والتماس ولا يؤخذ من أحد بدل ولا يجد أحد نصيرا له من دون الله .
وقد تضمنت الآيتان الخامسة والسادسة [ 44 و45 ] وهما تأمرانهم بالاستعانة بالصبر والصلاة تقرير كون الاعتراف بالحق والتزامه وإن كان شاقا على الطبع إلا أن ذلك ليس على الناس الخاشعين لله المعترفين له الذين يوقنون أنهم ملاقوه وراجعون إليه والمفروض أنهم منهم .
ولقد روى المفسرون {[193]} عن أهل التأويل بيانات توضيحية لمدى بعض الآيات . من ذلك أن النعمة التي يذكرهم الله بها هي ما كان من تنجيتهم من آل فرعون وما أغدقه الله عليهم من منح . وهذا حق وقد حكته آيات مكية عديدة وحكته آيات في السلسلة من باب التذكير والتنديد . ومن ذلك أن العهد الذي طلب منهم الوفاء فيه هو الميثاق الذي أخذه الله منهم بالاستقامة على توحيد الله والتزام أوامره ونواهيه والإيمان برسله . وهذا حق أيضا وقد حكته آيات مكية عديدة . ومن ذلك أن جملة { وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } هي في صدد ما يعلمونه من كون رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم حق ، وهذا حق أيضا وقد حكته عنهم وعن أهل الكتاب عامة آيات مكية عديدة . ولقد تعددت أقوال المؤولين في صدد جملة { وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ } بسبب ما يبدو فيها من إشكال من حيث إن اليهود ليسوا في الواقع أول الكافرين بالقرآن وبالرسالة المحمدية ، فمن ذلك أنها بمعنى لا تكونوا أول كافر به من أهل الكتاب ، ومن ذلك أنها في مقام التنديد بهم ؛ لأنهم أولى أن يكونوا أول المؤمنين ولا يصح أن يكونوا من أول الكفار به حينما هاجر النبي إلى المدينة التي كانت مقرّ كتلتهم الكبرى في الديار الحجازية . وكلا القولين وجيه وإن كان المتبادر أن القول الأول أوجه على ضوء الآيات المكية العديدة التي حكت فرح أهل الكتاب وإيمانهم وتصديقهم واعترافهم بأن رسالة محمد حق والقرآن منزل من الله بما جاء في آيات الأنعام [ 20 و 114 ] والأعراف [ 107 ] والرعد [ 36 ] والإسراء [ 107 و 108 ] والقصص [ 52-55 ] والعنكبوت [ 48 ] والأحقاف [ 10 ] .
ومضمون الآيات وأسلوبها يلهمان أن النبي صلى الله عليه وسلم وجه الدعوة إلى اليهود على أثر هجرته إلى المدينة ، فلم يقابلوا الدعوة مقابلة حسنة وحاولوا تشكيك الناس فيها وصرفهم عنها والمكابرة فيها مع يقينهم بصحتها وصدقها وتطابقها بالأسس مع ما عندهم ، ثم تحالفوا مع المنافقين ضدها واستغلوا حركة النفاق استغلالا كبيرا فاستحقوا التنديد والإنذار والزجر الذي احتوته الآيات .
تلقينات الآيات الواردة في حق اليهود [ 40-48 ]
ومع أن الآيات هي بسبيل بيان موقف اليهود والتنديد به فإنها احتوت تلقينات جليلة مستمرة المدى لكل مسلم في كل وقت . سواء في التنبيه على ما في كتم الحق وتشويهه بالباطل والمكابرة فيه عن تعمد وعلم ونبذ آيات الله لقاء منافع دنيوية من إثم ديني وأخلاقي ، أم ما في أمر المرء غيره بالخير والمكرمات ومناقضته لذلك في خاصة نفسه ، أم ما في نسيان فضل الله وجحوده من مثل ذلك ، وفي وجوب اجتناب ذلك أيضا .
وفي الآيتين الخامسة والسادسة ينطوي تلقين جليل فيه معالجة روحية رائعة وهي التنبيه على ما في الصلاة من التوجه إلى الله وذكره والخشوع له والخوف منه والتحلي بالصبر في سبيل مرضاته من أٍسباب طمأنينة النفس وإلانة الطبع وجعل الإنسان يعترف بالحق ولا يماري فيه مهما كان ذلك شاقا . وقد تكرر هذا في مواضع عديدة من السور المكية ونبهنا على ما فيه من مثل هذه المعالجة الروحية ؛ حيث يتسق القرآن المدني مع القرآن المكي في هذا كما يتسقان في كل شأن آخر وإن اختلف الأٍسلوب اختلافا اقتضته طبيعة كل من العهد المكي والعهد المدني على ما نبهنا عليه في مناسبات سابقة أيضا .
وهناك أحاديث نبوية أوردها ابن كثير في سياق الآيات فيها تلقينات متسقة مع التلقينات التي انطوت في الآيات ، منها حديث رواه الطبراني عن عبد الله قال : «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مثل العالم الذي يعلم الناس الخير ولا يعمل به كمثل السراج يضيء للناس ويحرق نفسه » . وحديث رواه الإمام أحمد عن أنس بن مالك قال : «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مررت ليلة أسريّ بي على قوم تُقرض شفاهُهم بمقاريض من نار قلت : من هؤلاء ؟ قال : خطباء أمّتك من أهل الدنيا كانوا يأمرون الناس بالبرّ وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب » {[194]} . وحديث رواه الإمام أحمد أيضا عن أسامة قال : «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يُجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق به أقتابٌ ، فيدور بها في النار كما يدور الحمار بالرّحى ، فيطيف به أهل النار فيقولون : يا فلان ما أصابك ؟ ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر ؟ فيقول : كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه » {[195]} . وحديث رواه الطبراني عن ابن عمر قال : «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من دعا الناس إلى قول أو عمل ولم يعمل هو به لم يزل في سخط الله حتى يكف أو يعمل ما قال أو دعا إليه » . وحديث رواه البخاري عن سمرة بن جندب جاء فيه : إن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في منامه رجلا يشدخُ رأس رجل وكلما التأم جرحُه عاد فشدخه فسأل عنه فقيل له : إنه رجل علّمه الله القرآن فنام عنه بالليل ولم يعمل به في النهار » {[196]} . وحديث رواه الترمذي وابن ماجة عن كعب بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «من طلب العلم ليجازيَ به العلماءَ أو ليماريَ به السفهاءَ أو يصرفَ به وجوهَ الناس إليه أدخله الله النار » {[197]} . وحديث رواه الترمذي وابن ماجه أيضا عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «من تعلم علما لغير الله أو أراد به غير الله فليتبوأ مقعده من النار » {[198]} .
جنسية يهود الحجاز الذين وجه إليهم الخطاب في الآيات
هذا ، وفي توجيه الخطاب القرآني إلى بني إسرائيل دلالة حاسمة على أن اليهود الذين كانوا في المدينة وحولها إسرائيليون أصلا وطارئون على الحجاز . وفي القرآن دلالات كثيرة على ذلك أيضا منها هذه الآية في سورة الأنعام : { أَن تَقُولُواْ إِنَّمَا أُنزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَآئِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ { 156 } } والآية تخاطب العرب وتذكر ما كانوا يقولونه ؛ حيث كانوا يقولون إن الكتب السماوية الأولى هي بلغة غير لغتهم ، وأن الذين يقرأونها إنما يقرأونها بلغتها الأصلية ؛ وحيث ينطوي في هذا أن اليهود كانوا لا يزالون يعرفون لغة آبائهم الأصلية ويقرأون كتبهم بها . ومنها ربط أخلاق يهود الحجاز هؤلاء بأخلاق آبائهم ومواقفهم القديمة ومخاطبتهم كسلسلة متصلة بعضها ببعض مما احتوته الآيات التي تلي هذه الآيات من السلسلة الطويلة . والأسماء المأثورة من أسمائهم عبرانية . ولقد تسمى بعضهم بأسماء عربية غير أن أسماء آبائهم التي تذكر معهم على ما هو المعتاد عند العرب من ذكر الأب والجد مع اسم الشخص عبرانية {[199]} . ولقد ذكر ابن سعد في طبقاته {[200]} أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل سرية لقتل أبي رافع بن أبي الحقيق في خيبر ، وقد اختير رئيساً لها عبد الله بن عتيك ؛ لأنه كان يرطن باليهودية أي يعرف العبرانية لغة اليهود . حيث يدل ذلك على أن اليهود كانوا ما يزالون يتكلمون في ما بينهم بلغتهم الأصلية أيضا ، وبالتالي يدل على أنهم إسرائيليون .
وهناك حديث رواه الترمذي بسند صحيح عن زيد بن ثابت قال : «أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتعلّم له كتاب يهود ، قال : إني والله لا آمن يهودَ على كتاب . قال : فما مرّ بي نصف شهر حتى تعلّمته ، فلما تعلمته كان إذا كتب إلى يهود كتبتُ لهم ، وإذا كتبوا إليه قرأت له كتابهم » . حيث يفيد هذا أن المكاتبات كانت تجري بين النبي وبينهم باللغة العبرانية .
وهناك حديث آخر رواه البخاري عن أبي هريرة قال : «كان أهل الكتاب يقرأون التوراة بالعبرانية ويفسّرونها بالعربية لأهل الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تصدّقوا أهل الكتاب ولا تكذّبوهم ، وقولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط . . . » حيث يفيد هذا بصراحة أن اليهود كانوا يحتفظون بأسفارهم باللغة العبرانية ويقرأونها بها ولا يمكن أن يكون هذا إلا إذا كانوا عبرانيين أي إسرائيليين .
والمتبادر من وقائع التاريخ القديم أنهم جاءوا من فلسطين في القرنين الأول والثاني بعد الميلاد على أثر الضربة الشديدة التي أنزلها بهم الرومان سنة 70 ب . م ، والتي شتتت من بقي حيا منهم في آفاق الأرض ، وقد نزلوا في المدينة وأماكن أخرى في طريق يثرب-الشام مثل وادي القرى ، وخيبر ، وفدك ، ومقنا ، والحرباء وتيماء . وقد امتلكوا الأرضين فيها واستثمروها وأنشأوا كثيراً من بساتين النخل والعنب بالإضافة إلى الزراعات الموسمية واشتغلوا بالتجارة والصناعة والرّبا . وقد شادوا الحصون والقلاع ليكون لهم بها منعة في الوسط الجديد الذي حلوا فيه والذي كان مباءة تجوال القبائل العربية . وتعلموا اللغة العربية والعادات العربية واستطاعوا بما كان لهم من أموال ونشاط زراعي وتجاري وصناعي ومعارف دينية وغير دينية أن يحتلوا في نفوس العرب وبيئتهم مكانة ، وأن يصبحوا عندهم ذوي نفوذ وتأثير .
وننبه على أننا لا نريد أن ننفي أن يكون بعض عرب الحجاز قد تهودوا بتأثيرهم . غير أن ما يروى من أنه كان في الحجاز قبائل عربية متهودة ، أو أن قبائل اليهود في المدينة بنو قينقاع ، وبنو النضير ، وبنو قريظة ، كانت أو كان بعضها عرباً غير صحيح ويؤيد ذلك الوقائع والأحوال التي ذكرناها . وبخاصة توجيه الخطاب ليهود المدينة باسم بني إسرائيل .
على أن من الحقائق التاريخية المؤيدة بالآثار القديمة أن اليهودية قد تسربت من إسرائيليي الحجاز إلى اليمن في القرن الخامس بعد الميلاد واعتنقاها بعض ملوك حمير وقبائلها {[201]} ، غير أنها توارت عن اليمن فيما نعتقد بعد غزو الأحباش النصارى لليمن في أوائل القرن السادس بعد الميلاد واستيلائهم عليها . وكان من أسباب هذه الغزوة اضطهاد ملك حمير وحكومته المتهودون نصارى اليمن ومحاولتهم إجبارهم على اعتناق اليهودية على ما شرحناه في سياق سورتي الفيل والبروج شرحاً يغني عن التكرار . ونعتقد أن الأحباش طاردوا اليهودية واليهود وطردوهما عن اليمن أو أبادوهما . ومن الأدلة على ذلك أن الروايات لم تذكر شيئا عن وجود اليهود في اليمن في زمن بعثة النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين . ولقد أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث جاء فيه : «أخرجوا اليهود من الحجاز وأهل نجران من جزيرة العرب » كآخر وصية له . وروى الإمام أبو يوسف في كتاب الخراج {[202]} أن عمر بن الخطاب أجلى عن اليمن نصارى نجران وعن الحجاز اليهود عملاً بهذه الوصية ولم يرد شيء عن إجلاء يهود عن اليمن . وكل هذا يدعم ما قلناه . واليهود الذين كانوا إلى عهد قريب في اليمن هم على الأرجح من مهاجري اليهود في العهود الإسلامية . والغالب أنهم ممن أجلي عن الأندلس بعد استيلاء الأسبان عليها ؛ حيث انتشروا في بلاد العرب من شمال افريقية إلى جنوب آسيا .
ونكتفي الآن بما تقدم عن اليهود على أن نزيد أحوالهم وأخلاقهم ومواقفهم شرحاً في المناسبات الآتية .