ولما كان الغالب على أكثر الناس الجمود كرر{[2263]} النداء لهم مبالغة في اللطف بهم إثر الترجية والتخويف فقال{[2264]} : { يا بني إسرائيل } أي الذي أكرمته وأكرمت ذريته من بعده بأنواع الكرامة { اذكروا نعمتي } وفخم أمرها بقوله : { التي أنعمت عليكم } أي بإنزال الكتب وإرسال الرسل وغير ذلك .
{ وإني فضلتكم } والتفضيل{[2265]} الزيادة من خطوة{[2266]} جانب القرب والرفعة فيما يقبل الزيادة والنقصان منه - قاله الحرالي . { على العالمين } وهم من كان قد برز الوجود في ذلك الزمان بالتخصيص بذلك دونهم ، ولا يدخل في هذا من لم يكن برز إلى الوجود في ذلك الزمان كما يأتي تحقيقه عن الحرالي قريباً{[2267]} ومما يوجب القطع به قوله تعالى لنا : { كنتم خير أمة أخرجت للناس{[2268]} }[ آل عمران : 110 ] .
ولما ذكرهم بتخصيصهم بالكرامة {[2269]}ونهاهم عن المخالفة وكانت المخالفة مع عظيم النعمة أقبح وأشد وأفحش{[2270]} حذّرهم يوماً لا ينجي أحداً فيه إلا تقواه فقال . وقال الحرالي : لما دعاهم إلى الوفاء بالعهد تنبيهاً لهمة من له فضل باطن يرجع إلى فضائل النفس فأجاب من وفق وتمادى على حاله من {[2271]}خذل ثنى الخطاب لهم بالتنبيه على النعمة الظاهرة{[2272]}ليتنبه لذلك من يخاف تغيير النعمة الظاهرة{[2273]} حين لم يخف السقوط عن رتبة الفضيلة في الخطاب فذكرهم بالنعمة والتفضيل الذي فضلهم به على العالمين{[2274]} وهم من ظهرت أعلام وجودهم في زمانهم ، وكذلك كل تفضيل يقع في القرآن والسنة ، إنما العالم من شمله الوجود لا ما أحاط به العلم بعد ، لأن ذلك لم يرفع في الشهود علم وجوده ؛ وفيه إشعار بأنهم كما فضلهم على عالمي زمانهم فليس ذلك بمقصور عليهم بل كذلك يفضل الله العرب في زمان نبوتها على بني إسرائيل وعلى جميع الموجودين في زمانهم ، وحيث انتهى الخطاب إلى تذكر ظاهر النعمة بعد التذكير{[2275]} بباطن الفضيلة لم يبق وراء ذلك{[2276]} إلا التهديد بوعيد الآخرة عطفاً على تهديد تقتضيه{[2277]} الأفهام بتغيير{[2278]} ما بقي عليهم من النعمة في الدنيا ؛ فكان مفهوم الخطاب : فاحذروا أن يصيبكم مثل ما أصاب المؤاخذين في الدنيا – انتهى
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.