{ يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم } إنما كرر ذلك سبحانه توكيدا للحجة عليهم وتحذيرا لهم من ترك اتباع محمد صلى الله عليه وسلم ، ثم قرنه بالوعيد وهو قوله { واتقوا يوما } قيل المراد بالنعمة أيادي الله عندهم وأيامه ، قال سفيان ابن عيينة ، وعن مجاهد التي أنعم بها على بني إسرائيل فيما سمى وفيما سوى ذلك ، فجر لهم الحجر وأنزل عليهم المن والسلوى وأنجاهم من عبودية آل فرعون ، وكان عمر ابن الخطاب إذا تلا هذه الآية قال مضى القوم وإنما يعني أنتم .
{ وأني فضلتكم على العالمين } يعني على عالمي زمانكم ، فلا يتناول من مضى ولا من يوجد بعدهم ، وهذا التفضيل وإن كان في حق الآباء ولكن يحصل به الشرف للأبناء ، قيل فيه ورود العام المراد به الخصوص ، لأن المراد بالعالمين عالمو زمانهم ، وقيل على جميع العالمين بما جعل فيهم الأنبياء ، وقال في الكشاف على الجم الغفير من الناس كقوله { باركنا فيها للعالمين } يقال رأيت عالما من الناس يراد الكثرة انتهى ، قال الرازي في تفسيره وهذا ضعيف لأن لفظ العالم مشتق من العلم وهو الدليل ، وكلما كان دليلا على الله كان علما وكان من العالم ، وهذا تحقيق قول المتكلمين : العالم كل موجود سوى الله ، وعلى هذا لا يمكن تخصيص لفظ العالم ببعض المحدثات ، انتهى .
أقول هذا الاعتراض ساقط أما أولا فدعوى اشتقاقه من العلم لا برهان عليه ، وأما ثانيا فلو سلمنا صحة هذا الاشتقاق كان المعنى موجودا بما يتحصل معه مفهوم الدليل على الله الذي يصح إطلاق اسم العلم عليه ، وهو كائن في كل فرد من أفراد المخلوقات التي يستدل بها على الخالق ، وغايته أن جمع العالم يستلزم أن يكونوا مفضلين على أفراد كثيرة من المحدثات ، وأما إنهم مفضلون على كل المحدثات في كل زمان ، فليس في اللفظ ما يفيد هذا ولا في اشتقاقه ما يدل عليه ، وأما من جعل العالم أهل العصر فغايته أن يكونوا مفضلين على أهل العصور ، لا على أهل كل عصر ، فلا يستلزم ذلك تفضيلهم على أهل العصر الذين فيهم نبينا صلى الله عليه وسلم ولا على ما بعده من العصور .
ومثل هذا الكلام ينبغي استحضاره عند تفسير قوله تعالى { وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين } وعند قوله تعالى { إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين } .
فإن قيل أن التعريف في العالمين يدل على شموله لكل عالم .
قلت لو كان الأمر هكذا لم يكن ذلك مستلزما لكونهم أفضل من أمة محمد صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى { كنتم خير أمة أخرجت للناس } فإن هذه الآية ونحوها تكون مخصصة لتلك الآيات .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.