الفضل : الزيادة ، واستعماله في الخير ، وفعله فعل يفعل ، وأصله أن يتعدى بحرف الجر ، وهو على ثم بحذف على ، على حد قول الشاعر ، وقد جمع بين الوجهين :
وجدنا نهشلاً فضلت فقيما *** كفضل ابن المخاض على الفصيل
وأما في الفضلة من الشيء ، وهي البقية ، فيقال : فضل يفضل ، كالذي قدمناه ، وفضل يفضل ، نحو : سمع يسمع ، وفضل يفضل ، بكسرها من الماضي ، وضمها من المضارع ، وقد أولع قوم من النحويين بإجازة فتح ضاد فضلت في البيت وكسرها ، والصواب الفتح .
{ يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم } : تقدم الكلام في شرح هذا ، وأعيد نداؤهم ثانياً على طريق التوكيد ، ولينبهوا لسماع ما يرد عليهم من تعداد النعم التي أنعم الله بها عليهم ، وتفصيلها نعمة نعمة ، فالنداء الأول للتنبيه على طاعة المنعم ، والنداء الثاني للتنبيه على شكر النعم .
{ وأني فضلتكم } : ثم عطف التفضيل على النعمة ، وهو من عطف الخاص على العام لأن النعمة اندرج تحتها التفضيل المذكور ، وهو ما انفردت به الواو دون سائر حروف العطف ، وكان أستاذنا العلامة أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزبير الثقفي يذكر لنا هذا النحو من العطف ، وأنه يسمى بالتجريد ، كأنه جرد من الجملة وأفرد بالذكر على سبيل التفضيل ، وقال الشاعر :
أكر عليهم دعلجاً ولبانه*** إذا ما اشتكى وقع القناة تحمحما
دعلج : هنا اسم فرس ، ولبانه : صدره ، ولأبي الفتح بن جني كلام في ذلك يكشف من سر الصناعة له .
{ على العالمين } : أي عالمي زمانهم ، قاله الحسن ومجاهد وقتادة وابن جريج وابن زيد وغيرهم ، أو على كل العالمين ، بما جعل فيهم من الأنبياء ، وجعلهم ملوكاً وآتاهم ما لم يؤت أحداً من العالمين ، وذلك خاصة لهم دون غيرهم .
قالوا : ويدفع هذا القول : { كنتم خير أمة } أو على الجم الغفير من الناس ، يقال : رأيت عالماً من الناس ، يراد به الكثرة .
وعلى كل قول من هذه الأقوال الثلاثة لا يلزم منه التفضيل على هذه الأمة ، لأن من قال بالعموم خص النعمة ، ولا يلزم التفضيل على كل عالم بشيء خاص التفضيل من جميع الوجوه ، ومن قال بالخصوص فوجه عدم التفضيل مطلقاً ظاهر .
وقال القشيري : أشهد بني إسرائيل فضل أنفسهم فقال : { وأني فضلتكم على العالمين } ، وأشهد المسلمين فضل نفسه فقال : { قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا } فشتان بين من مشهوده فضل ربه ، ومن مشهوده فضل نفسه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.